*
السبت: 15 فبراير 2025
  • 14 فبراير 2025
  • 14:37
الرسالة المادحة من ترمب للأردن: دبلوماسية تصحيح أم تعزيز للعلاقات؟
الكاتب: المحامي الدكتور ربيع العمور

في عالم السياسة، لا تصدر التصريحات الرسمية عبثًا، بل غالبًا ما تكون مدروسة لتحقيق أهداف معينة. رسالة الرئيس الأميركي  دونالد ترامب المادحة للشعب الأردني وللملك عبد الله الثاني يمكن أن تندرج ضمن هذا الإطار، حيث تبدو كخطوة دبلوماسية تهدف إما إلى تصحيح موقف سابق أثار الجدل أو إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة في ظل الضغوط التي واجهها الأردن من إدارة ترامب فيما يخص القضية الفلسطينية.

أولًا: تصحيح موقف غير محسوب

ترامب معروف بأسلوبه غير التقليدي في السياسة، حيث يتبنى نهجًا مباشرًا وأحيانًا غير محسوب في تصريحاته، مما قد يؤدي إلى توتر في العلاقات مع بعض الحلفاء. العلاقة بين الأردن وإدارة ترامب مرت بمرحلة ضغوط كبيرة، خاصة فيما يتعلق بمسألة تهجير الفلسطينيين من غزة، وهو الأمر الذي رفضه الملك عبد الله الثاني بشكل قاطع، مؤكدًا أن مصلحة الأردن تأتي أولًا.

قد تكون رسالة المديح محاولة من ترامب لتخفيف أي آثار سلبية ناجمة عن تصريحاته و مواقفه و اسلوبه غير الدبلوماسي في لقاء الملك عبد الله و تحديدا تجاه الأردن، و ربما لإعادة بناء الجسور بعد مرحلة من التوتر، خاصة إذا كان هناك استياء داخل الدوائر السياسية الأردنية من طريقة تعامله مع الملفات الإقليمية الحساسة.

ثانيًا: ضغوط من المؤسسات الأميركية

الولايات المتحدة تدرك تمامًا أهمية الأردن كحليف استراتيجي محوري في الشرق الأوسط، حيث يلعب دورًا رئيسيًا في ملفات متعددة مثل القضية الفلسطينية، مكافحة الإرهاب، والاستقرار الإقليمي. من هذا المنطلق، قد تكون بعض المؤسسات الأميركية، مثل وزارة الخارجية أو الكونغرس أو حتى الأجهزة الأمنية، قد مارست ضغوطًا على ترامب من أجل إرسال رسالة تهدئة إلى الأردن، لتجنب أي تصعيد قد يؤثر على المصالح الأميركية في المنطقة.

توتر العلاقات مع الأردن قد يؤدي إلى نتائج عكسية بالنسبة لواشنطن، حيث قد ينعكس ذلك على التنسيق الأمني والعسكري، بالإضافة إلى تأثيره على العلاقات الأميركية مع دول المنطقة، خاصة مع تزايد أهمية الأردن كوسيط موثوق في قضايا الشرق الأوسط.

ثالثًا: التناقضات في نهج ترامب

يتّبع ترامب أسلوبًا سياسيًا يعتمد على التصعيد الحاد أحيانًا ثم التراجع لاحقًا، وهو أسلوب استخدمه مع العديد من الدول، سواء الحلفاء أو الخصوم. بالتالي، ليس من المستغرب أن تأتي رسالة المديح بعد فترة من الضغوط التي مارسها على الأردن، فقد يكون ذلك بناءً على تقييم جديد للموقف، أو نتيجة لضغوط داخلية أميركية تحثّه على تهدئة الأجواء .

سواء كانت رسالة ترامب للأردن تأتي في إطار تصحيح موقف سابق أو بهدف تعزيز العلاقات الثنائية، فإنها تعكس إدراكًا واضحًا لأهمية الأردن في السياسة الأميركية. في نهاية المطاف، تبقى العلاقات الأردنية الأميركية قائمة على مصالح استراتيجية طويلة الأمد، تتجاوز التصريحات المتغيرة، حيث يحكمها الاستقرار الإقليمي، والشراكة الأمنية، والتنسيق في القضايا الحيوية للشرق الأوسط.

مواضيع قد تعجبك