*
الجمعة: 31 يناير 2025
  • 30 يناير 2025
  • 20:44
الكردي تكتب: وزارة السياحة إذ تعيش بعالم آخر
الكاتب: جوان الكردي

بينما يعاني المواطن الأردني يوميا من ارتفاع الأسعار، وشح فرص العمل، وعجزه عن توفير أساسيات الحياة، تخرج علينا وزيرة السياحة لينا عناب بدعوة الأردنيين لزيارة روما لحضور معرض سياحي أردني هناك.
دعوة كهذه، في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة، تبدو وكأنها تنتمي إلى عالمٍ موازٍ لا علاقة له بما يعيشه الأردنيون.
إذا جُلت في شوارع عمان أو أي مدينة أردنية، سترى مشاهد الفقر وضيق ذات اليد وشظف العيش محفورة على وجوه الناس.
ربُّ أسرة لا يجد ما يسد به جوع أطفاله، شاب يتنقل بين الوظائف المؤقتة بأجور لا تكفي لأبسط الاحتياجات، محلات مغلقة الأبواب وأخرى مكتوب عليها "للبيع"، وعائلات تهوي من الطبقة الوسطى إلى ما دون خط الفقر.
الأسعار في ارتفاع مستمر، والمواطنون بالكاد قادرون على دفع أجرة المواصلات، فكيف يمكن لهم حتى مجرد التفكير في زيارة روما؟
من المعروف أن المعارض السياحية تهدف إلى الترويج للبلد المستهدف وجذب السياح، لكن السؤال هنا: من المخاطَب بهذه الدعوة؟ هل الأردنيون أنفسهم هم المستهدفون؟ أم أن هذه مجرد فقرة بروتوكولية لم تراع فيها أبسط معايير الواقع الاقتصادي؟
ثم إن الترويج السياحي للمملكة هي مهمة ملقاة بالأساس على عاتق هيئة تنشيط السياحة، التي هي مشكَّلة من القطاعين العام والخاص، ووزارة السياحة وإن كانت جزءا من هذه الهيئة إلا أنها ليست المسؤولة المباشرة عنها. والأحرى بها تشجيع السياحة الداخلية لا توجيهها إلى الخارج.
إن كان الهدف جذب استثمارات سياحية، فهل تمتلك الحكومة خطة واضحة لاستثمار هذه المعارض في تحسين السياحة الداخلية أولًا قبل الترويج للخارج؟
هذه التصريحات ليست غريبة على المسؤولين الذين اعتادوا العيش في فقاعات منفصلة عن معاناة الشعب. بينما تتكدس الأزمات فوق رؤوس المواطنين، تستمر بعض الجهات الحكومية في إطلاق مشاريع وخطط بعيدة كل البعد عن الأولويات الحقيقية.
هل هناك من يجرؤ على مواجهة الوزراء والقول لهم: "إنزلوا إلى الشارع، تحدثوا مع الناس، وشاهدوا الواقع بأنفسكم".
قبل الحديث عن أي دعوات سياحية أو مشاريع دولية، على الحكومة أن تواجه الحقائق: البطالة مشكلة حقيقية، الفقر يتفاقم، والأسعار تُرهق المواطنين، والقطاع السياحي مشلول.
إذا لم تبدأ الحلول من الداخل، فإن أي ترويج خارجي لن يكون سوى صورة مزيفة لا تعكس الواقع الحقيقي.
لا أحد يعترض على الترويج للسياحة الأردنية، لكن ليكن ذلك وفق أولويات مدروسة، أولها أن تترك الأمر للجهة صاحبة العلاقة وذات الخبرة والمعرفة بواقع الأسواق السياحية الخارجية.
والحكومة مطالَبة بأن تأخذ بالاعتبار الظروف التي يعيشها المواطنون، وعليها أن تهيء الظروف التي تساعد في جذب السياح من الخارج، وبخاصة أسعار السلع والخدمات السياحية وتطوير هذه المواقع والخدمات والتسهيل على المستثمرين في القطاع..
وإلا.. فستبقى هذه التصريحات مجرد فقاعات إعلامية لا تسمن ولا تغني من جوع.

مواضيع قد تعجبك