*
الخميس: 30 يناير 2025
  • 30 يناير 2025
  • 12:39
اتيكيت الاختلاف
الكاتب: سالي الأسعد

 

في عالم يزداد تعقيدًا بتباين الرؤى حول القضايا الكبرى والصغيرة، أصبح الاختلاف يتخذ شكلًا يتسم بالتراشق بالكلمات والهجوم الحاد على الآراء. بقناعاتي أن كل رأي صواب قد يحتمل الخطأ، وكل رأي خطأ قد يحتمل الصواب، وليس من الضروري أن نبدي رأينا في كل أمر أو موقف. كما قال الخليفة عمر بن عبدالعزيز: "مَن قال لا أدري فقد أحرز نصفَ العلم"، وأكد الإمام مالك: "من قال لا أدري فقد أفتى". فهل نحن بحاجة إلى إعادة اكتشاف فن الاختلاف برقي؟

ما يثير الدهشة هو أن نرى أشخاصًا يفتون في أمور العامة دون علم، ويدافعون عن آرائهم بشراسة تصل إلى حد استخدام الألفاظ البذيئة والإساءة. هذا السلوك لم يعد مقتصرًا على السياسة أو الدين، بل امتد ليشمل حتى أبسط التفاصيل، مثل الاختلاف حول طريقة تحضير طبق طعام شعبي، حيث تصل بعض التعليقات إلى حد التخوين والقطيعة بسبب غياب مكون أو زيادة آخر.

دراسات حديثة أشارت إلى أن انتشار خطاب الكراهية والسب على وسائل التواصل الاجتماعي يعود إلى عوامل مثل سهولة إخفاء الهوية، الاستقطاب السياسي، تأثير الجماعة، ونقص المراقبة الفعالة .. هذه العوامل وغيرها تشجع السلوك العدواني وتقلل من المسؤولية الشخصية، مما يسمح بانتشار التعليقات المسيئة.

وفي حين يعد أدب الاختلاف أساس التعايش، يبرز السؤال: كيف يمكن أن نختلف بأدب؟ وهل هذا ممكن؟ سؤال يطرحه الجميع في ظل هذا الصراع الفكري. الاختلاف الطبيعي لا يجب أن يكون سببًا للقطيعة أو الخصام، بل فرصة للإنصات وفهم الآخر، وللنقد البناء الذي يُوسع المدارك. لكننا في بعض الأحيان ننسى أن الرأي المختلف لا يعني العداء.

وليكون تفاعلك راقيا على وسائل التواصل الاجتماعي ولتعليقاتك اثر ايجابي في طرح الرؤى المختلفة

1. فكر قبل أن تكتب خذ لحظة للتفكير في تأثير تعليقك، وتأكد من أنه يعبر عن رأيك باحترام.  
2. تحكم في مشاعرك ابتعد عن الرد عند الغضب، وعد عندما تهدأ لتجنب التعليقات الانفعالية.  
3. ركز على الفكرة وليس الشخص ناقش الرأي بموضوعية دون الهجوم الشخصي أو استخدام ألفاظ جارحة.  
4. استخدم لغة إيجابية اختر كلمات مهذبة وإيجابية لتعبّر عن رأيك دون تهكم أو سخرية.  
5. كن قدوة تعامل برقي واحترام لتصبح نموذجًا إيجابيًا يشجع الآخرين على اتباع نفس الأسلوب.


لذلك، ننظر بأمل إلى قوانين المطبوعات والنشر كحائط صد ضد الإسفاف. ومع تطور وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت هناك حالة من الفوضى، حيث لا توجد قواعد صريحة تنظم هذا الفضاء اللامحدود عالميا، مما جعل الإهانات وسوء الفهم سيدة الموقف في التعليقات والمنشورات العامة.


ختاما اقول الاختلاف لا يعني العداء، بل هو فرصة لتوسيع الأفق وفهم الآخر بشكل أعمق. نحتاج إلى خلق بيئة تسمح بالتعبير الحر مع الحفاظ على الاحترام، حيث تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا محوريًا في تهذيب الحوار الإلكتروني وتعزيز "اتيكيت الاختلاف".

مواضيع قد تعجبك