*
الاثنين: 20 يناير 2025
بوصلة الاقتصاد الوطني: نحو الداخل الأردني
  • 2024-10-13- 12:35

خبرني  - في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والظروف المتقلبة، يبدو أن الحل الأمثل لاقتصادنا اليوم يكمن في توجيه بوصلة الاستثمار نحو الداخل، والتركيز على دعم المشاريع الوطنية. إن التجارب الأوروبية، وخاصة البريطانية، تقدّم لنا نموذجًا يحتذى به. فالاقتصادات القوية في هذه الدول تقوم في الأساس على المشاريع الصغيرة والمتوسطة والصناعات المحلية، مثل الأسواق التقليدية والسياحة.

 
إذا استلهمنا من هذه التجارب وطبقناها في الأردن، سنجد أننا نملك كل المقومات اللازمة لتطوير اقتصادنا اعتمادًا على الصناعات البسيطة والمشاريع المحلية. من الصناعات الدوائية إلى الألبسة والهندسة، العديد من المصانع الأردنية قد شقت طريقها نحو العالمية بفضل النجاح الذي حققته في السوق المحلي أولاً.


وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن الإبداع المحلي يمكنه الوصول إلى العالمية إذا ما ركز على الهوية الوطنية. نجيب محفوظ، على سبيل المثال، وصل إلى العالمية عندما كتب عن الحياة الشعبية في مصر، فترجمت أعماله وفاز بجائزة نوبل للأدب. وبالمثل، يمكن للاقتصاد الأردني أن يصل إلى نجاحات كبيرة من خلال تطوير قدراته المحلية.


في هذا السياق، أدعو حكومة دولة جعفر حسان إلى إعادة توجيه السياسات الاقتصادية نحو السوق المحلي، وتحديدًا نحو دعم الأسواق الناشئة والمشاريع التقليدية. عندما تواجه الاقتصادات ركودًا أو تضخمًا، يكون الحل في إنشاء مشاريع جديدة لتحريك العجلة الاقتصادية، وهو ما يتطلب شراكة وثيقة بين القطاعين العام والخاص. على الحكومة أن توفر التراخيص والحوافز اللازمة، بينما يقوم القطاع الخاص بدوره في الاستثمار والتطوير.


من المهم أيضًا أن نركز على الاقتصاد المجتمعي، الذي يعتمد على دعم الأفراد والمجتمعات المحلية. هذا النوع من الاقتصاد يمكن أن يوفر فرصًا كبيرة للمجتمعات الأردنية من خلال استغلال الإمكانيات المتاحة، وتوجيه الاستثمارات الوطنية نحو تحقيق التنمية المستدامة. فالظروف الجيوسياسية الحالية قد تبدو معقدة، إلا أنها تتيح أيضًا فرصًا للتطوير إذا ما تم استغلالها بشكل جيد.


في هذه المرحلة من "الهدوء الاقتصادي"، يجب أن نعيد ترتيب أوراقنا ونركز على تنمية الاقتصاد الوطني بشكل متوازن. هذه الفرصة تمنحنا إمكانية التخطيط للمستقبل وبناء اقتصاد قوي في المئوية الثانية من عمر الدولة الأردنية. فبوصلة الاقتصاد اليوم تتجه نحو الداخل، نحو المحافظات والأقاليم، حيث يمكننا الاعتماد على الموارد المتاحة، مثل السياحة، القوى البشرية، وتكنولوجيا المعلومات.


تطوير البنية التحتية السياحية وإنشاء مراكز وأسواق جديدة سيعمل على تحفيز الاقتصاد المحلي، ويساهم في مواجهة الفقر والبطالة، وتمكين الشباب والمرأة. كما يجب أن نعمل على تسويق الأردن كعلامة تجارية اقتصادية مميزة على المستوى العالمي، باستخدام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بفعالية.


في الختام، الاقتصاد الوطني بحاجة إلى تحفيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، فهي عصب الاقتصاد المحلي. يجب وضع برامج دعم خاصة لهذه المشاريع، فهي تستحق الدعم الكامل لتتمكن من تحقيق أهدافها وتكون جزءًا من نهضة الاقتصاد الوطني الشاملة.

الكاتب: د. نضال ملو العين

مواضيع قد تعجبك