حرب غزة انتهت والأمل صمود الهدنة، بعدما تركت جراحا عميقة، وسطرت مشاهد في ذاكرة الإنسانية عن أبشع جريمة بحق الشعب الفلسطيني.
لقد عشنا في الأردن وعيوننا على القطاع، ولم يمر يوم منذ بدايتها دون أن يكون لنا أثر يدفع نحو وقف هذه الحرب، أو دون أن نرسل بما استطعنا من مساعدات، برا وجوا، وبما أملاه علينا ضميرنا وواجب الضمير، ويعبر عن قيم الأردن الهاشمية والراسخة بنفس كل أردني وفي.
والصفحة بالنسبة لنا في هذا البلد لم تطوى بعد، فعزة تنتظر منا المزيد من البذل، فمنذ أول يوم صاغ الأردن مقاربة مختلفة، إنسانية ونابعة من الضمير لوقف هذه الحرب، ورأى فيها مسالة ومعاناة أكبر من أن تخضع لحسابات السياسة، فهناك أخوة وأشقاء، وطباع هذا البلد وسجاياه لا ترتضي إلا النخوة.
أما من رأى في هذا الفصل الأليم من تاريخ فلسطين بأنه خاضع للمزاودة.. فالأيام كفيلة بأن تؤرخ له، ومواقفنا نحن تحكي عنها غزة، بإنسانها وسماءها، وأرضها.. وبما بذلنا لها لتخفيف المعاناة عن الناس.
المهم أنه حتى كتابة هذه الأسطر الهدنة ثابتة، وهذا ما نأمله بعدما تعب أهلنا في غزة، وبعدما صيغ اتفاق اشترك به ممثلي الإدارتين الراحلة لبايدن والقادمة لترمب، ووفق التقارير فإن ممثلي الإدارتين متفقان على ضرورة إنهاء هذه الحرب، قبل تسلم ترمب لمنصبه، حتى أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يقول إنه سلم الملف لإدارة ترمب.
ما يهم هي أن ترفع المعاناة عن قطاع غزة، وتنتهي هذه المأساة التي ستتضح صورتها أكثر، على فظاعة ما رأينا، بعدما تدخل عدسات المصورين إلى شمال القطاع وشرقه، وغيرها من مناطق عاث بها جيش الاحتلال تنكيلا بالبشر والحجر.
نريد لهذه الحرب أن تتوقف، بغض النظر عن أسباب أخرى، ذلك أن المأساة في غزة أوجعتنا بما رتبته من معاناة للشعب الفلسطيني في القطاع.
ونهاية الحرب لا يعني أبدا نهاية المأساة، بل يجب أن تكون بداية ليعي العالم وقواه أن الحاجة اليوم، وخاصة بعد كل هذه الدماء أن مطلب العدالة لفلسطين وشعبها، لم يعد بعد اليوم، حديثا لمن أراد من الساسة في الغرب أن يدخلها في بازار المساومات مع لوبيات الصهيونية، أو تبقى تدور في تصريحات لم تقدم منذ مئة عام سوى مزيد من العدوان على الشعب الفلسطيني.
والإنسان العربي ينتظر اليوم وقف الحرب، ورفع المعاناة عن الغزيين غير آبه بحديث الساسة عن اليوم التالي، ومقاربات لم تقدم لقضية فلسطين مشروعا ملموسا.
إن اليوم التالي لوقف الحرب يجب أن يكون عنوانه عدالة لفلسطين، وإقامة الدولة على التراب الفلسطيني وضمن قرارات الشرعية الدولية، فما دفع من دماء الشعب الفلسطيني هي أثمان كبيرة جدا، يجب أن تسهم في صحوة في ضمير هذا العالم الذي أصبح يغرق أكثر في شعارات كبيرة، دون مراعاة لشعور المظلومين، ومن أصبح العراء هو منزله، بعدما رأينا إبداع آلة القتل الاسرائيلية وتماهي الساسة معها مثل بايدن ورجاله، ولا ندري ماذا يحمل لنا المقبل.. !
المهم أن تتوقف الحرب نهائيا، ويعود الغزيون إلى أنحاء القطاع، ونبدأ بالعمران.. فالمأساة كبيرة في غزة، وهي تفوق أي تصور سياسي، وأكبر من أن تكون في بازار الشعارات، هناك ظلم كبير وأمل كبير، أيضا.
وختاما، فإن ما بذلناه في هذا الوطن، من سعي هو إنساني بالدرجة الأولى كان واجبا كرسته قيم ملوك بني هاشم التي رأت بالإنسان وغوثه بداية هو المبتدأ، نخفف من معاناة الناس، ولاحقاً حديث عن ما نريد لغزة، وفلسطين من عدالة.