كرر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وللمرة الثالثة وخلال أقل من أسبوع، دعوتهِ وثقته بأن الأردن ومصر سيستقبلان فلسطينيين مُهجرين من قطاع غزة.
وإذا أخذنا تفسيراً لهذه التصريحات المتلاحقة من جانب التأثير النفسي، فإن هذا يُسمّى في علم التنمية البشرية "التكرار"، حيث يُستخدم التكرار لترسيخ فكرة معينة في العقول حتى تصبح مقبولة أو متوقعة. وبعد ذلك، ننتقل إلى ما يُسمّى بفرض الأمر الواقع، وذلك عبر تحويل الفكرة المستبعدة إلى فكرة متداولة، مما يُسهّل تنفيذها لاحقًا.
لكن من الناحية السياسية، يختلف التفسير، إذ نلاحظ قيام الرئيس الأمريكي بطرح مطالب كبرى يستحيل تنفيذها، فمثلاً: طالب بضمّ كندا الى الولايات المتحدة الأمريكية، ويريد الاستحواذ على جزيرة جرينلاند، والسيطرة على قناة بنما، وغيرها من المطالب. والتفسير الذي يمكن طرحه هو أن ترمب ومن خلال هذه الأهداف الكبرى، يسعى الى تحقيق مكاسب سياسية عن طريق المقايضة، وهو أمر يبرع فيها كتاجر وصاحب خبرة في هذا المجال. بمعنى أن هذه المطالب التي يطرحها تمثل السقف الأعلى لما يريد تحقيقه، لكن في المقابل لا مانع لديه من الحصول على مكاسب أقل، وهي في الواقع ما يسعى إليه.
وبالعودة الى مسألة تهجير الفلسطينيين، قام ترمب بجسّ النبض، لكن الردّ جاءه واضحاً وحاسماً، سواء من الأردن أو مصر، وعلى المستويين الرسمي والشعبي، برفض قاطع لفكرة التهجير، وعدم إمكانية المشاركة فيها. ورغم ذلك، أصرّ ترمب وأعاد التأكيد على أن الأردن ومصر سيستقبلان الفلسطينيين، رغم رفضهما. وهنا يأتي السيناريو البديل من قبل ترمب، وهو محاولة الحصول على تنازلات معينّة من الدولتين الأردنية والمصرية في هذا الملف أو في ملفات أخرى، مقابل التراجع عن طرح قضية التهجير.
والسؤال الذي ينبغي طرحه الآن: ما هو السيناريو الحقيقي الغير مُعلن الذي يريده ترمب بعيداً عن قصة تهجير الفلسطينيين؟