شهدت الساحة السياسية السورية تداخلا ملحوظا بين تنظيمات الاسلام السياسي والتنظيمات الجهادية ، مما ادى إلى خلط الأوراق واعادة رسم المشهد السياسي بطرق تخدم مصالح إقليمية وجهات خفية ، ومن أبرز الأمثلة على هذا التداخل الربط بين هيئة تحرير الشام وجماعة الاخوان المسلمين السوريين ، في هذا المقال سنستعرض هذه الادعاءات ونحلل مدى صحتها ، وتسليط الضوء على المشروع السياسي لهيئة تحرير الشام .
- هناك خلط متعمد او عن جهل ، ما بين تنظيمات الاسلام السياسي ، وما بين التنظيمات الجهادية وبرز ذلك واضحا في ربط هيئة تحرير الشام وبين جماعة الاخوان المسلمين السوريين ، وانهما يديران المشهد السياسي في سوريا حاليا ، ولا يوجد ما يؤيد هذا الادعاء ، باستثناء اذرع وكُتاب يستهدفون خلط الأوراق واعادة رسم المشهد ، لغايات إقليمية وجهات خفية .
الاخوان المسلمون السوريون لم يرافقوا هيئة تحرير الشام ، في رحلة اسقاط بشار الاسد ، علاوة على وجود خلافات منهجية بين الطرفين ، وكل منهما يمتلك مشروعاً سياسيا مختلفا ، ويبدو ان الاخوان المسلمين ينتظرون تفاصيل اكثر حول المشروع السياسي المتطور لهيئة تحرير الشام ، وخاصة ما يتعلق باسرائيل وغيرها .
- المشروع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تقدمه هيئة تحرير الشام ، متطور جدا ، ويغطي العديد من المحاور :
- [ ] تحول المشروع الجهادي من العالمية إلى مشروع قُطري من حيث اسقاط النظام وبناء سوريا حديثة.
- [ ] قبول الهيئة بالاخر اي كان وضعه او ديانته او طائفته ، وبرز ذلك بمعالجة قضية حرق شجرة عيد الميلاد ومعاقبة الفاعلين .
- [ ] الموقف السياسي من اسرائيل وعملياتها الاستفزازية ضد الداخل السوري ، واحتلال اراضي سورية جديدة .
- [ ] الإبقاء على الاطر الاقتصادية الحالية كما هي ، وعدم التدخل بالاقتصاد .
- [ ] الانفتاح بشكل كامل على مختلف الدول العربية ، وتوجيه رسائل ايجابية لها .
- [ ] التعاون الامني مع الاجهزة الاستخباراتية الاقليمية باتجاه العديد من القضايا.
- [ ] لا توجد أي ادلة على وجود تعاون او تنسيق مع التنظيمات المتطرفة كالقاعدة او داعش ، ومن غير المستبعد أن تقوم الادارة الجديدة في سوريا باستهداف مواقع لهذه التنظيمات المتطرفة .
- الولايات المتحدة الأمريكية تعاملت مع مشروع إسلام سياسي من خلال حركة طالبان ، وتم توقيع اتفاقية بين الطرفين ( ٢٩/٢/٢٠٢٠) في الدوحة ، وتضمن التزام طالبان بعدم السماح باستخدام افغانستان من قبل اي جماعة او فرد ضد امن أمريكا وحلفائها ، على ان تلتزم امريكا بمراجعة العقوبات ضد طالبان، لمساعدتها بازالتها ومساعدة افغانستان اقتصاديا ، الاتفاق تم في عهد الرئيس ترامب وقامت ادارة الرئيس بايدن بتنفيذه .
- بالمجمل ، فإن من الواضح ان الرؤية الفكرية للتنظيمات الجهادية ، يمكن ان تتحول باتجاهات مشاريع سياسية ، تعزز من قابليتها غربيا .
- في الختام ، هناك تباين كبير بين تنظيمات الإسلام السياسي والتنظيمات الجهادية في سوريا ، والربط بينهما قد يكون مدفوعا بأجندات تهدف لخلط الأوراق واعادة تشكيل المشهد السياسي السوري ، ومن المهم ان نفهم هذه الفروقات ونتابع تطورات المشاريع السياسية لهذه التنظيمات بعناية ، خاصة في ظل المتغيرات الاقليمية والدولية المستمرة ، فالتحولات الفكرية والتنظيمية لهذه الجماعات قد تفتح افاقا جديدة ، فيما لو تلقفتها حاضنة دولية كبرى .