في طيّات الزمن، هناك لحظات تجتمع فيها الذكريات والمشاعر لتشكل مزيجاً من الفرح والشجن، تماماً كما حدث لي اليوم في زيارتي الأخيرة لجامعتي، الجامعة التي احتضنت سنوات من عمري، جامعة العلوم الإسلامية العالمية. بعد مرور ستة عشر عامًا، عدت إليها حاملاً في قلبي ذكريات أيام البكالوريوس، تلك الأيام التي قضيتها بين أروقة كلية المال والأعمال، أدرس تخصص إدارة الأعمال. كنت أحسب أنني سأجد كل شيء كما كان، لكن الزمن، كما هو دأبه، قد غيّر وجوه المكان ووجوه من كانوا فيه.
أذكر تلك الأوقات عندما كنا نبحث عن المعنى في كل محاضرة، نناقش، نتعلم، نخطط للمستقبل بنظرة حالم متفائل. اليوم، وجدت أن بعض الأساتذة قد رحلوا، سافر بعضهم إلى أماكن جديدة، وانتقل آخرون إلى جامعات أخرى. أما من بقي منهم، فكان لقاؤهم أشبه برسالة صامتة من الزمن تقول: "الحياة تسير، والبشر يتغيرون، لكن الذكريات تظل حية".
ما أجملها من لحظات عندما تعود بك الذاكرة إلى الأيام التي كنت فيها تزرع بذور الحلم، تلك اللحظات التي تلامس فيها ماضيك، تدرك أنك لم تعد نفس الشخص، لكنك تحمل داخلك كل ما صنعك. الجامعة ليست مجرد مكان، إنها قطعة من الذات، ملجأ للأحلام التي كانت، وسراب الأماني التي لم تتحقق بعد.
حينها أدركت أن الحياة تسير بنا بطرق لا نتوقعها، وأن القيم التي غرسها فينا أساتذتنا لا تزال تنير طريقنا. إنها تلك اللحظات التي تعيد إليك الوعي بأن المكان قد يتغير، لكن الأثر الذي يتركه فيك يبقى خالدًا.