بقلم : فيصل تايه
بعد ان أسدل الستار على انتخابات البرلمانية ، وبعد إعلان النتائج النهائية وظهرت اسماء اصحاب السعادة النواب ، يمكن لنا "طي هذه صفحة" والقول "انتصرت الديمقراطية"، فلا احد يستطيع نكران "نزاهة انتخاباتنا بعد ان غلبت سيادة القانون والدستور وإرادة الشعب ، وتم دفع الديمقراطية واختبارها وأثبتت أنها ديمقراطية حقيقية اتسمت بالمرونة والقوة ، ما يثبت أن الدولة الأردنية مصرة على التعددية السياسية، وعلى مشاركة جميع أفراد أبنائها في العمل السياسي ، اذ أن هذا الاستحقاق أعاد الثقة بالانتخابات النيابية ، فكان المشهد الانتخابي مشهداً ديناميكياً ، تعلمنا من خلاله كيف نمارس الديمقراطية بشكلها الصحيح ، وتعرفنا على قواعد هذه اللعبة الديمقراطية بشكلها الحضاري ، فاستفدنا من تجارب الماضي ، فكان من الضرورة بمكان بحث ضبط هذه المسألة ، وكان الحرص الواضح في خضم الصراعات التنافسية على الاستحقاق الدستوري الواجب ، فعرف اصحاب الاستحقاقات كيف باستطاعتهم ممارسة المناورات والمداورات والحوارات في الهامش أو الحيّز المتاح ، هذا الضبط الذي حقق مزيدا من العدالة والدمقرطة الحقيقية المطلوبة والذي يجب أن يحقق اهدافاً مرجوة ، بحيث اننا لا نضر ببعضنا لكي ننتصر لقائمة او لحزب أو جماعة أو عشيرة ، ونرفع بصلافة أصبعيّ النصر.
الان .. ومع ظهور الاسماء التي ستجلس تحت القبة لأربع سنوات قادمة ، وما حملته النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية من مؤشرات على نزاهة العملية الانتخابية وتراجع ظاهرة شراء الأصوات بشكل كبير قياساً بالدورات السابقة ، فضلاً عن عدم وجود أي تدخل حكومي ، وجب علينا تقديم التهنئة لمن حالفهم الحظ ، فدعونا نبارك لهم فوزهم اولاً فقد حالفهم الحظ بارادة الشعب ، كما ونقول حظا اوفر لمن اخفق ولم ينجح ، مع الالتزام بتقبل النتائج الرسمية بروح عالية من المسؤولية ، وفي الوقت نفسه لا يمكن باي حال من الأحوال ان نقبل اية محاولات من قبل اي كان الإساءة التجريحية الممنهجة : أحزاباً، وأفراداً ، وتكتلات ، بل ويجب ان نغرس أو نعزز بدلاً منها قيماً إيجابية قوامها الحب والاحترام والتقدير للآخر، واحترام آرائه المخالفة لتوجهاتنا طالما لا تتجاوز سقف الوطن.
نعم ، يجب ان لا نسمح للإساءة مهما كانت بأن تغزو وجداننا، وتلهب عواطفنا، ونشحنها بالغضب الأحمر، والحقد الأسود؟! فانت لا تستطيع أن تفرض آراءك إلا بالاقصاء او بالاساءة على كل من حواليك، وإرغامهم على السير بركابك ، فهذا ما نسميه إرهاباً فكرياً أو عسفاً تسلطياً أو عنفاً قمعياً! لذلك فالإنسان السوي يستطيع أن يسوّق الفكرة النيرة، والرأي الهادف، والمقترح البناء بطرق موضوعية، ووسائل حضارية بعيداً عن استعداء الآخر، وكهربة الأجواء بينه وبين الاخرين .
دعونا نلتفت الآن الى الرهان المقبل وهو خيارات تشكيل الحكومة القادمة بانتظار الارادة الملكية السامية وقرار جلالة الملك ، وأن يشمّر هؤلاء الذين اختارهم الشعب عن ساعد الجد وأن يركزوا كل جهدهم على مختلف قضايا الوطن المواطن في ظل العديد من التحديات الاقليمية ، والواقع السياسي ، كما ويفترض الآن أن تصبح وراء ظهورنا المناكفات الأيديولوجية والصراعات الحزبية التي قد يؤجّجها الإعلام المعادي الوطن ، وأن يكون تحدي التنمية وتحسين الاقتصاد هو التحدي الأبرز والامتحان الحقيقي للجميع ، فهل يمكن للسادة النواب المنتخبين رسم صورة جديدة في السنوات الاربع المقبلة .
فهل ستُعطى الفرصة لهؤلاء ام سنظل نراوح مكاننا ؟
والله ولي التوفيق