*
الاثنين: 20 يناير 2025
لماذا التقى الصفدي بالشرع؟ تحليل وفق النظريات السياسية
  • 2024-12-24- 18:05

في ضوء التحديات الإقليمية المتزايدة، يعكس لقاء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بأحمد الشرع، الذي تصدر المشهد السياسي في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، حرص الأردن على التعامل مع القيادة الجديدة في سوريا وفهم توجهاتها دون التسرع في الدخول في تحالفات. هذا اللقاء يعكس النهج الأردني الحذر والمدروس في التعاطي مع المشهد الإقليمي المتغير، سعياً لبناء قنوات تواصل جديدة دون الانخراط في تحالفات قد تكون غير مفيدة.

هذا اللقاء جزء من استراتيجية أوسع يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني، تهدف إلى تعزيز دور الأردن كلاعب إقليمي معني بالحفاظ على الاستقرار وبناء التوازن في القوى. لقد لعب جلالة الملك دوراً مهماً في ضمان التواجد الأردني الفاعل في القضايا الإقليمية، لا سيما فيما يتعلق بالملف السوري، حيث يسعى إلى عدم الانزلاق في تحالفات قد تضع الأردن في مواقف صعبة.

يمكن تحليل هذا التحرك الأردني من خلال نظرية الواقعية السياسية (Realism Theory)، التي تؤكد أن الدول تتصرف بناءً على مصالحها الوطنية وأمنها في بيئة دولية تتسم بالصراع والتنافس. لقاء الصفدي بالشرع يعكس تطبيق الأردن لهذه النظرية، حيث يسعى إلى حماية مصالحه الوطنية دون الوقوع في مآزق سياسية.

نظرية الواقعية السياسية تؤكد أن الدول تتحرك بناءً على مصالحها وأولويات أمنها في بيئة دولية تتسم بالصراع والتنافس. يمكن فهم نهج الأردن تجاه القيادة السورية الجديدة من خلال هذا الإطار. سقوط نظام الأسد خلق فراغاً سياسياً وأمنياً قد يشكل تهديداً للأردن.

الأردن يدرك أن غياب الأسد قد يفتح المجال أمام تأثيرات محتملة على حدوده الشمالية. اللقاء مع الشرع يسمح للأردن بفهم توجهاته السياسية، ما يمكنه من التعامل مع أي تهديدات محتملة، مثل الإرهاب أو التوترات الإقليمية. كما يسعى الأردن لتعزيز دوره كفاعل إقليمي من خلال التواصل المبكر مع القيادة السورية الجديدة. اللقاء مع الشرع يعكس حرص الأردن على الحفاظ على دوره في تشكيل مستقبل سوريا دون التورط في تحالفات قد تضعه في مواقف حرجة.

نظرية توازن القوى (Balance of Power Theory) تقدم إطاراً لفهم تحرك الأردن. سقوط نظام الأسد شكل تحدياً للتوازن الإقليمي وأعاد ترتيب الأولويات في المنطقة. الأردن يسعى من خلال اللقاء مع الشرع إلى تعزيز التوازن الإقليمي عبر الانخراط مع القيادة السورية الجديدة والعمل على منع التصعيد الذي قد يزعزع استقرار المنطقة.

الأردن يسعى بشكل استباقي للحفاظ على استقرار المنطقة ومنع أي إعادة لترتيب النفوذ الإقليمي بشكل يهدد مصالحه أو مصالح الدول المجاورة. التحرك الأردني يعكس أيضاً استيعاباً للمخاطر المترتبة على الفوضى التي قد تعقب انهيار النظام السابق، ويركز على بناء علاقات متوازنة مع القيادة السورية الجديدة دون تجاوز الحذر الاستراتيجي.

الانفتاح التدريجي (Gradual Engagement) هو مقاربة تتبناها الدول للتحرك بحذر دون التورط الكامل أو المبكر في علاقات مع أطراف جديدة. التحرك الأردني لم يكن مبنياً على الانفتاح الكامل، بل على بناء علاقات متدرجة مع القيادة السورية الجديدة. هذه المقاربة تعكس فهماً عميقاً للأوضاع الإقليمية ومرحلة ما بعد الأسد، حيث يسعى الأردن لاختبار توجهات القيادة الجديدة واستعدادها للتعاون مع دول الجوار مع الحفاظ على الحذر الاستراتيجي لتجنب أي تداعيات غير محسوبة.

لقاء الصفدي بالشرع ليس مجرد تحرك دبلوماسي عادي، بل هو جزء من رؤية أوسع يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني، تهدف إلى تعزيز دور الأردن كلاعب فاعل في المشهد الإقليمي. باستخدام نظرية الواقعية السياسية ونظرية توازن القوى، يسعى الأردن إلى حماية مصالحه الوطنية والحفاظ على الاستقرار الإقليمي دون الوقوع في تحالفات قد تضر بمصالحه الاستراتيجية.
 

الكاتب: محمد صبيح الزواهرة

مواضيع قد تعجبك