خبرني - حمى البحر المتوسط هي مرض وراثي مزمن يصيب الجهاز المناعي، مما يؤدي إلى حدوث نوبات متكررة من الالتهاب والحمى، والتي تؤثر بشكل سلبي على البطن والمفاصل والصدر، وهي عبارة عن مرض وراثي ناتج عن طفرة وراثية في جين MEFV المسؤول عن إنتاج بروتين يسمى بايرين، والذي يلعب دورًا هاماً في تنظيم الالتهاب في الجسم.
تؤدي الطفرة الجينية إلى خلل في وظيفة البيرين، مما يجعل الجهاز المناعي يفرط في الاستجابة لمحفزات معينة، ويؤدي إلى حدوث نوبات الالتهاب، ويؤثر المرض بشكل رئيسي على مجموعات عرقية من حوض البحر المتوسط، لذا فهو شائع بين اليهود السفارديم والأرمن والأتراك والعرب، وإذا كان أحد الوالدين مصابًا بالمرض، فإن خطر إصابة الأبناء يزداد.
تشمل أكثر الأعراض شيوعًا لحمى البحر المتوسط ارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة، آلام البطن والتي قد تكون شديدة ومفاجئة، تشبه آلام التهاب الزائدة الدودية، التهاب المفاصل مثل تورم واحمرار وألم في المفاصل، خاصة الركبتين والكاحلين، وبعض الالتهابات الأخرى، وتشمل التهاب بطانة البطن، والتهاب غشاء القلب، والتهاب الجلد، بالإضافة إلى ظهور بقع حمراء مؤلمة على الجلد، خاصة في الأطراف السفلية.
يتم تشخيص حمى البحر المتوسط بناءً على وصف الأعراض ونوبات المرض السابقة، الكشف عن علامات الالتهاب، مثل تورم المفاصل والحمى، تحليل الدم لقياس مستويات بروتينات الالتهاب، والتحاليل الجينية للتأكيد وجود الطفرة الجينية في جين MEFV.
لا يوجد علاج شافٍ لحمى البحر المتوسط، ولكن هناك أدوية تساعد في التحكم في الأعراض ومنع حدوث النوبات، مثل الكولشيسين وهو الدواء الأكثر شيوعًا، ويعمل على تقليل الالتهاب، الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية مثل الإيبوبروفين والنابروكسين، وتستخدم لتخفيف الألم والالتهاب، و الأدوية البيولوجية والتي تستخدم في الحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاجات الأخرى.
إذا لم يتم علاج حمى البحر المتوسط بشكل صحيح، فقد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مثل ترسب بروتين غير طبيعي في الأعضاء الحيوية، مثل الكلى والكبد، الالتهابات المزمنة في المفاصل والأعضاء الداخلية، والإصابة بالعقم لدى الرجال، ولا يوجد وسيلة للوقاية من حمى البحر المتوسط، ولكن يمكن التحكم في الأعراض ومنع المضاعفات من خلال العلاج المنتظم والمتابعة الطبية.
أسباب حمى البحر المتوسط
يعود السبب الرئيسي إلى حدوث طفرة في الجين المسؤول عن إنتاج بروتين يسمى "البيرين" ، ويلعب هذا البروتين دورًا فعالاً في تنظيم استجابة الجسم للالتهابات، لذا فالأشخاص المصابون بحمى البحر المتوسط لديهم تغيير في جين MEFV الذي ينتج بروتين البيرين.
تؤدي هذه الطفرة إلى إنتاج بروتين بيرين غير طبيعي أو غير فعال، مما يتسبب في حدوث استجابة مناعية مفرطة وغير طبيعية، حيث يبدأ الجسم في مهاجمة نفسه، مما يؤدي إلى الالتهابات المتكررة، وتنتشر بشكل شائع بين الأشخاص من أصول متوسطية، مثل الأتراك والأرمن والعرب واليهود السفارديم.
تشبه أعراض المرض الحمى، وقد يكون هناك بعض الارتباط بين نوبات المرض والعوامل البيئية في منطقة البحر المتوسط، وعلى الرغم من أن الطفرة الجينية هي السبب الأساسي لحمى البحر المتوسط، إلا أن بعض العوامل قد تؤدي إلى ظهور نوبات الالتهاب، مثل الإجهاد سواء كان جسديًا أو نفسيًا.
قد تؤدي العدوى البكتيرية أو الفيروسية إلى تفاقم الأعراض، وأيضاً الجراحة قد تؤدي إلى حدوث نوبة، بالإضافة إلى التغيرات الهرمونية خاصة عند النساء.
أعراض حمى البحر المتوسط
تؤثر حمى البحر المتوسط على أجزاء مختلفة من الجسم، مما يتسبب في حدوث مجموعة من الأعراض، والتي تشمل:
ارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة، غالبًا ما تصل إلى 40 درجة مئوية.
ألم شديد ومفاجئ في البطن، قد يشبه ألم التهاب الزائدة الدودية.
تورم واحمرار وألم في المفاصل، خاصة الكبيرة مثل الركبتين والكاحلين.
ظهور بقع حمراء مؤلمة على الجلد، خاصة في الأطراف السفلية.
ألم في الصدر، صعوبة وضيق في التنفس.
التهاب غشاء القلب، مما يسبب آلامًا حادة في الصدر.
طفح جلدي، حكة، وتقرحات.
فقدان الطاقة والشعور بالتعب المستمر.
عادة ما تبدأ أعراض حمى البحر المتوسط في مرحلة الطفولة أو المراهقة، ولكنها قد تظهر في أي عمر، ومن الممكن أن تكون النوبات متكررة ومتباعدة، وتختلف شدتها، فالأطفال عادة ما يعانون من نوبات أكثر حدة، وتختلف الأعراض بين الذكور والإناث، كما أن العوامل البيئية المختلفة قد تؤدي إلى تفاقم الأعراض.
ما هو الأكل الممنوع لمرضى حمى البحر المتوسط
لا يوجد نظام غذائي يحظر أطعمة معينة لمرضى حمى البحر المتوسط، ولكن هناك بعض الأطعمة التي يُنصح بتقليلها أو تجنبها لأنها قد تساهم في زيادة الالتهاب في الجسم، مما قد يؤدي إلى تفاقم أعراض المرض، وتتمثل هذه الأطعمة في:
الأطعمة المصنعة والجاهزة لاحتوائها على نسبة عالية من السكر المضاف، الدهون المتحولة، والصوديوم، والتي تزيد من الالتهاب.
اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة، لأنها تحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبعة، والتي تساهم في زيادة الالتهاب.
الأطعمة المقلية والغنية بالكربوهيدرات المكررة مثل الخبز الأبيض والأرز الأبيض والمعكرونة البيضاء، والتي قد تسبب ارتفاعًا سريعًا في نسبة السكر في الدم، مما يؤدي إلى زيادة الالتهاب.
الأطعمة الغنية بالسكر المضاف مثل الحلويات والمشروبات الغازية، لأنها تزيد من الالتهاب.
الأطعمة الغنية بالملح، والذي يؤدي إلى احتباس الماء في الجسم وزيادة الضغط على المفاصل.
الزيوت النباتية مثل زيت الذرة وزيت فول الصويا، والتي تحتوي على نسبة عالية من الأحماض الدهنية أوميغا 6، مما يساهم في زيادة الالتهاب.
هناك بعض الأطعمة المفيدة لمرضى حمى البحر الأبيض المتوسط، وتشمل:
الفواكه والخضروات وهي غنية بالألياف ومضادات الأكسدة التي تساعد في تقليل الالتهاب.
الحبوب الكاملة مثل القمح الكامل والأرز البني والشعير، لأنها غنية بالألياف والفيتامينات والمعادن.
البروتينات الخالية من الدهون: مثل الدجاج والسمك والبقوليات، حيث تساعد في بناء العضلات وإصلاح الأنسجة.
الألبان قليلة الدسم أو خالية الدسم لأنها غنية بالكالسيوم والبروتين، والتي تساعد في تقوية العظام.
المكسرات والبذور، بسبب محتواها العالي من الدهون الصحية والألياف.
ينصح بشرب الكثير من الماء، لأنه يساعد على طرد السموم من الجسم، طهي الطعام بالبخار أو الشوي أو السلق بدلاً من القلي، تجنب الإضافات الغذائية والنكهات الصناعية، مع تناول وجبات صغيرة متكررة طوال اليوم، ويمكن استشارة أخصائي تغذية للحصول على نظام غذائي محددة.
لذا لا يوجد نظام غذائي واحد يناسب جميع مرضى حمى البحر المتوسط، والهدف من هذه الأطعمة تقلل الالتهاب، تحسين صحة الجهاز الهضمي، زيادة الطاقة والنشاط، وتقلل خطر الإصابة بالمضاعفات، ويجب الجمع بين النظام الغذائي الصحي والأدوية والعلاج الطبي لتقليل الأعراض وتحسين الصحة العامة.
هل يمكن الشفاء التام من حمى البحر المتوسط؟
لا يوجد علاج شافٍ بشكل نهائي من حمى البحر المتوسط حتى الآن، فهي حالة مزمنة ناتجة عن طفرة وراثية، مما يعني أنها تلازم المريض طوال حياته، ومع ذلك، هناك علاجات فعالة تساعد بشكل كبير في التحكم في الأعراض ومنع حدوث المضاعفات.
والعلاج الأكثر شيوعًا لحمى البحر المتوسط هو الكولشيسين، والذي يعمل على تقليل الالتهاب ومنع حدوث النوبات، وفي بعض الحالات، قد يصف الطبيب أدوية أخرى مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو الأدوية البيولوجية، ويمكن أن يساعد تعديل نمط الحياة عن طريق اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام في تخفيف الأعراض وتحسين الحياة.
ويساهم علاج حمى البحر المتوسط في تقليل عدد مرات حدوث نوبات الالتهاب، تخفيف شدة الأعراض مثل الألم والحمى، ومنع حدوث مضاعفات خطيرة مثل تلف الأعضاء.
ومن الضروري الالتزام بتناول الدواء بانتظام حتى لو لم تظهر أي أعراض، وينبغي زيارة الطبيب بانتظام لإجراء الفحوصات اللازمة وتعديل العلاج حسب الحاجة، ويجب إبلاغ الطبيب فورًا عن ظهور أي أعراض جديدة أو تغير في الأعراض الحالية، كما يجب الاهتمام بالصحة العامة عن طريق ممارسة الرياضة بانتظام، تناول غذاء صحي، والحصول على قسط كاف من النوم.
نصائح للتعايش مع مرض حمى البحر الأبيض المتوسط
حمى البحر الأبيض المتوسط مرض مزمن، لكن يمكن التعايش معه بطريقة صحية، عنطريق اتباع النصائح التالية:
الالتزام بالتعليمات التي يحددها الطبيب المعالج والمعلومات التي يقدمها الصيدلي بشأن الأدوية وطريقة استخدامها.
يمكن أن يساعد أخصائي التغذية في وضع نظام غذائي صحي ومناسب.
تناول الأدوية بانتظام وعدم التوقف عن تناوله إلا بعد استشارة الطبيب.
عمل الفحوصات الدورية لمراقبة تقدم المرض وتعديل العلاج إذا لزم الأمر.
اتباع نظامًا غذائي متوازن غني بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون.
ممارسة الرياضة بانتظام، لأنها تساعد على تقوية العضلات وتحسين الدورة الدموية وتقليل التوتر.
تجنب الإجهاد قدر الإمكان، حيث يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأعراض.
التعرف على أعراض النوبة مثل ارتفاع درجة الحرارة وآلام المفاصل.
الانضمام إلى مجموعات الدعم والتحدث مع أشخاص يعانون من نفس المرض.
البحث عن الدعم العائلي والاهتمام بالصحة النفسية عن طريق تعلم تقنيات الاسترخاء مثل التأمل واليوغا.