في زمن تتسارع فيه خطى العالم نحو الرقمية، يبرز الأردن كقصة نجاح تنتظر أن تُروى بكلمات أبنائه، الذين يمتلكون بين أيديهم أعظم الأدوات: الوعي، والانتماء، والكفاءة. لقد بات الإنسان الأردني – بما يحمله من مؤهلات علمية ورقمية – حجر الأساس في بناء ثقافة رقمية وطنية تُعزز حضور الأردن في الفضاء الإلكتروني، وتُسهم في تقديم صورة مشرقة عن بلدٍ صغير بمساحته، عظيم بإرثه، غنيّ بموارده البشرية والتاريخية والروحية.
إن الثقافة الرقمية ليست ترفاً فكرياً، بل ضرورة وطنية تفرضها المرحلة، ومجالاً رحباً يستطيع فيه الشباب الأردني أن يُبدع، ويُنتج، ويُعبر عن هويته، ويُدافع عن وطنه، ويُصحّح المفاهيم المغلوطة التي قد تُنشر بحقه. هم قادرون – بمهاراتهم الرقمية – على تحويل شبكة الإنترنت إلى منبر وطني ناطق باسم الأردن، يُعرّف العالم بكنوزه الحضارية، وإرثه الديني والتاريخي، وفرادته البيئية، وتنوعه السياحي.
فالأردن، بحمد الله، متحف بلا سور، يروي حكاية الإنسانية منذ فجر التاريخ. من جرش إلى البترا، من الكرك إلى أم قيس، من البحر الميت إلى العقبة، ومن المغطس إلى القلاع التي تشهد على عصور من العزة والصمود. أرضٌ احتضنت رسالات السماء، وفيها سكن الأنبياء، وارتوت من دماء الشهداء. أليس هذا وحده كافياً لأن يكون الأردن في صدارة المحتوى الرقمي العالمي؟
لكن الصورة لا تكتمل دون الترويج. وهنا يأتي دور الشباب – فرسان هذه المرحلة – لينهضوا بمهمة نبيلة: أن يكونوا سفراء وطنهم على الإنترنت، يروّجون للمنتج الأردني الزراعي بما فيه من جودة، وللمنتج الصناعي بما يحمله من إبداع، وللأماكن السياحية بما فيها من جمال وأصالة. ليس هذا فحسب، بل ليردّوا عن وطنهم ما يُدسّ من افتراءات، بالحجة والمعلومة، بالكلمة والصورة، وبالعلم والخلق.
إن المطلوب اليوم هو ترويجٌ رسمي وشعبي، فردي وجماعي. أن تتكاتف الجهود، وتتشابك الأيدي، وتُسخّر التكنولوجيا في خدمة الوطن. أن نرى مبادرات تُعنى بتعريب المحتوى، وتوثيق الموروث، وإنتاج مقاطع مرئية وتطبيقات تعليمية وسياحية تُظهر الأردن بأجمل صورة.
في خضم هذه الثورة الرقمية، فإن الأردن لا ينقصه شيء سوى أن يؤمن أبناؤه بقدرتهم على صنع الفارق. فبكم أيها الشباب، يرتفع اسم الوطن، وتُزهر الأرض، ويُدوَّن التاريخ من جديد. أنتم الرصيد الحقيقي، والمحتوى الأجمل، والقصيدة التي لا تنتهي.
فلتكن ثقافتنا الرقمية مرآة لأصالتنا، وصوتًا لأرضنا، ورسالة للعالم بأن هنا… هنا الأردن، وطن الأنبياء والشهداء، ومهد الحضارات، وملتقى العقول والقلوب معا ..




