يأتي يوم العلم الأردني كل عام ليذكرنا بأن الأوطان لا تبنى فقط بالكلمات بل بالتضحيات والدماء والعرق هو يوم يحمل رمزية عالية تتجاوز رفع الراية لتصل إلى أعماق الوجدان الوطني حيث يستقر العلم الأردني كرمز للسيادة والكرامة والهوية الجامعة التي توحّد الأردنيين على اختلاف أصولهم ومنابتهم.
وفي هذه المناسبة الغالية لا يسعنا إلا أن نتأمل في تزامنها مع النجاح الأمني الباهر الذي حققته دائرة المخابرات العامة بكشفها لعملية إرهابية خطيرة كانت تستهدف أمن الوطن وسلامة مواطنيه لقد برهنت هذه المؤسسة الأمنية العريقة مجدداً على أنها العين الساهرة التي لا تنام والدرع المنيع الذي يتقدم الصفوف في مواجهة كل تهديد يقترب من ثرى الأردن الطاهر.
إن إحباط المخطط الإرهابي لم يكن مجرد إنجاز أمني بل رسالة بالغة الوضوح لكل من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد أن الأردن بقيادته الحكيمة وأجهزته المهنية لا يغفل عن أي تحرك مشبوه ولا يسمح لأي خطر أن ينمو في ظله.
وفي السياق ذاته لم يكن هذا النجاح وليد الصدفة بل جاء نتيجة عمل استخباراتي دقيق استند إلى المتابعة الحثيثة والتحليل العميق والتعاون بين الأجهزة المختصة ولعل هذه الكفاءة هي ما جعل من دائرة المخابرات العامة نموذجاً يحتذى به على المستوى الإقليمي والدولي في مواجهة التهديدات الإرهابية وأشكال التطرف كافة.
وفي ظل هذه التطورات يصبح رفع العلم في هذا اليوم الوطني فعلاً يتجاوز الطقوس الاحتفالية ليصبح تعبيراً صادقاً عن الامتنان لكل من يعمل في الخفاء في الميدان أو في المكاتب الأمنية لحماية رايتنا من أن تدنس وأرضنا من أن تخترق.
إن العلاقة بين يوم العلم ودور المخابرات العامة ليست علاقة لحظة عابرة بل هي تجسيد لتكامل الرمزية مع الفعل والهوية مع الحماية فالعلم الذي نرفعه بفخر فوق أسطح بيوتنا وفي شوارعنا ومدارسنا هو ذات العلم الذي أقسم أبناء الوطن على حمايته وها هم يوفون بالقسم.
ولعلنا في هذه المناسبة نوجه دعوة صادقة لجيل الشباب ليقرأوا الرموز الوطنية لا بوصفها شعارات بل بوصفها مسؤولية فكل علم يرفع هو قصة شهيد وإنجاز جندي وبصمة ضابط أمن وكل مواطن يسهم في حمايته من موقعه.
مجمل القول، يبقى الأردن بقيادته الهاشمية الحكيمة وبشعبه الواعي وبأجهزته الأمنية المخلصة وطناً عصياً على الانكسار وسيبقى علمه عالياً يرفرف على جبال الشراه وفي غور الأردن وفي قلوب كل من آمن أن الكرامة لا تشترى وأن الأمن نعمة تستحق أن نصونها بكل ما نملك.