*
الخميس: 17 نيسان 2025
  • 12 نيسان 2025
  • 12:29
المصالحة بين الشريعة و القانون
الكاتب: المحامي عبد الكريم الكيلاني

نشبت معركة الشريعة و القانون ، في اواخر التاسع عشر و اوائل القرن الحادي العشرين .

ومرد ذلك اول الأمر  ، عودة نفر من خريجي الجامعات الغربية بالنظريات الفقهية و القانونية التي درسوها في جامعات الغرب  ، وحرصهم على تطبيقها في دولهم ، باعتبارها ذروة ما وصل اليه العقل القانوني .

كما نشأ لدى طرف آخر ، اعتقاد بان هناك حملة لتغريب التشريع في الدول العربية و الإسلامية .

ونجم عن هذا الخلاف مصطلح القانون الوضعي مقابل الشريعة و الفقه الإسلامي .

واحتدمت المعركة سجالا بين الفريقين .

إلى ان قيض الله للامة ، فقهاء في المدرستين ، على رأسهم الفقية المصري عبدالرزاق السنهوري ، الذي جمع فأوعى وادرك بعد مناظرات وحوارات ودراسات ضرورة استدعاء الشريعة الإسلامية بالدراسات الجديدة، 
استلهام مبادىء الفقه الإسلامي في التشريع  و  هو ( الامل المقدس ) على حد تعبير السنهوري ، الذي اعتبر ان الفقه ينهض بالتشريع و لا يعيبه ، 
وكذلك عكف فقهاء آخرون كالاستاذ مصطفى الزرقاء ، على اعادة تبويب مسائل  الفقه ، في ثوب جديد ، بكتابه المدخل الفقهي العام .

وازعم ان الدولة  التي قطفت ثمرة ذلك كله في مرحلة مبكرة هي الاردن ، التي كان لها السبق التاريخي باقرار  قانون مدني عكف على صياغته فقهاء الشريعة و القانون معا . 

وعليه يمكن القول ، ان افتعال خصومة بين الشريعة و القانون ، ناجم عن الجهل بكليهما ،
فبعد اكثر من خمسة عقود على تطبيق القانون المدني الأردني ، كنموذج فريد احتذت به جامعة الدول العربية وعدد من الدول العربية والإسلامية،بحيث  اصبحت الملائمة بين النظريات القانونية و الفقهية ،مصدر ثراء للتشريع ، ووعاء من الاحكام و القواعد التي تعين القاضي و المحامي على ان يصل بين التشريع الحقوقي و الاحتياجات المعاصرة وبين الإرث الفقهي الزاخر بمبادئه و قواعده ومبانيه .

ومن ذلك كله فان توسد المشرع احكام الفقه الإسلامي أضاف  للتشريع وزاد  ثراءه ، وقد اثبت التطبيق القضائي ، ان احكام الفقه الإسلامي، توسع المدارك ، وتفتح الافاق ، بحيث يتاح للمشتغلين بهذا الشأن ان يختاروا من مبادىء الفقه الإسلامي بما لها من قيمة حقوقية تشريعية ، افضل ما يحقق مصالح الأفراد ، وإقامة العدل عنهم .

واما من أراد التمترس خلف الصراع الذي اكل الدهر وشرب ، ظنا منه ان تشريعا يمكن ان يسلخ الامة  عن جذورها ، 
فهو لم يع الدرس ، الذي وعاه آباء الفقه و القانون على السواء، فوصلوا إلى أنضج ثمرة تلائم العصر ، و لا تعارض قيم الامة و أخلاقها .
( ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او ألقى السمع وهو شهيد )

مواضيع قد تعجبك