*
الاحد: 27 نيسان 2025
  • 10 نيسان 2025
  • 12:12
درع الوطن وقلعته الحصينة
الكاتب: د. اسراء بن طريف

في زمن تتكاثر فيه التحديات وتتكالب فيه الأصوات النشاز على الأوطان المستقرة، يبقى الأردن محصّنًا بجيشه العربي وأجهزته الأمنية الباسلة، التي لم تكن يومًا أدوات سلطة، بل كانت وما تزال مؤسسات سيادية وركائز للدولة، نذرت نفسها لخدمة الوطن والمواطن .
لقد بُني هذا الوطن على تضحيات، وحُفظ على مر العقود بسواعد رجال نذروا أرواحهم فداءً للراية، وقدموا أروع صور التضحية في معارك الكرامة والوجود، من اللطرون والقدس إلى الكرامة، ومن نهر الأردن إلى كل شبر في هذا التراب المقدس. هؤلاء هم من يقفون اليوم كالسد المنيع في وجه الفوضى، ويحمون الأردنيين من الأخطار التي لا يراها إلا العيون الساهرة
"القوات المسلحة الأردنية وأجهزتنا الأمنية، هم الشرفاء الأوفياء، درع الوطن، وحصنه المنيع، وهم سياج الأمن والاستقرار." جلالة الملك عبد الله الثاني.
القوات المسلحة الأردنية ليست مجرد قوة عسكرية، بل هي رمز للسيادة الوطنية، وتجسيد للكرامة، ورسالة انتماء خالدة. فقد نشأ الجيش العربي مع نشأة الدولة، وترافق تطوّره مع مراحل بناء الأردن الحديث. هو من حافظ على استقلال القرار الأردني، وشارك في ميادين الشرف في فلسطين والجولان وجنوب لبنان، وكتب اسمه بأحرف من نور في ذاكرة الأمة .
أما الأجهزة الأمنية، فهي العين التي لا تنام، والسند الحقيقي لكل مواطن شريف. عملها لا يقتصر على التصدي للجريمة، بل يمتد لحماية فكر المجتمع، والوقوف بصلابة في وجه من يحاول زرع بذور الفتنة والانقسام. وفي عصرٍ تشهد فيه المجتمعات العربية اضطرابات داخلية وصراعات مفتوحة، استطاعت هذه الأجهزة أن تحافظ على لحمة المجتمع الأردني وتماسكه.
لكن، وكما أن الشجرة المثمرة تُرمى بالحجارة، فإن هذه المؤسسات الوطنية أصبحت هدفًا دائمًا لحملات التشويه والتقليل من شأنها. حملات تنفذها منصات مشبوهة، وأصوات مأجورة تتحدث من الخارج أو تتخفى خلف أسماء مستعارة في الداخل، تروّج للأكاذيب وتحرّف الوقائع في محاولة لضرب الثقة بين المواطن ومؤسساته.
"الجيش العربي والأجهزة الأمنية هم أبناؤنا، لا نقبل أن يزايد عليهم أحد، وهم الذين نعتز بتضحياتهم ونفاخر العالم بأخلاقهم وانضباطهم."
جلالة الملك عبد الله الثاني
هذه المحاولات ليست جديدة، لكنها تزداد ضراوة حين يُثبِت الأردن قدرته على الوقوف بوجه الأزمات، أو حين تُفشل الأجهزة الأمنية مخططات تخريبية في مهدها. فالمندسون يعرفون أن بوابة ضرب الدولة تبدأ من التشكيك في حماة الوطن. ولكنهم يجهلون أن الأردنيين، وفي مقدمتهم شباب هذا الجيل، أكثر وعيًا من أن ينخدعوا بشعارات زائفة أو أصوات خارجة عن السرب الوطني.
ان الأردنيين لا ينسون أن هؤلاء الرجال هم من يتركون بيوتهم في عز الشتاء وحرّ الصيف لحماية الحدود، وهم من يسهرون على أمن المدن والمخيمات والبوادي والقرى، وهم من يهبّون أولًا عند كل طارئ، من جائحة صحية إلى أزمة طبيعية. لم يخذلوا وطنهم يومًا، ولن يخذلهم شعبهم اليوم.
"كل من يحاول النيل من مؤسساتنا الوطنية، أو يشكك في دورها، لا يعرف معدن هذا الوطن، ولا يدرك أن هذه المؤسسات قامت على تضحيات رجال لا يعرفون التراجع" 
 جلالة الملك عبد الله الثاني
و عن دور القوات المسلحة الأردنية في الدفاع عن القضية الفلسطينية بالتحديد لم يكن الجيش العربي يومًا غائبًا عن ساحات النضال من أجل فلسطين، بل كان أول من كتب اسمه في سجل الشرف والبطولة. فقد سالت دماء الأردنيين الطاهرة على أسوار القدس، واستُشهد الآلاف دفاعًا عن الأقصى وعن الأرض المباركة. وفي معركة اللطرون الخالدة، وقف الجيش الأردني، بقيادة أبطال لا يهابون الموت، في وجه الاحتلال، وسطر ملحمة ستظل منارة للأجيال.

أما اليوم، ورغم تعقيدات المشهد السياسي، فإن القوات المسلحة الأردنية لا تزال تؤدي دورها القومي، دعمًا لصمود الأشقاء في فلسطين، وبخاصة في قطاع غزة المحاصر. فالمستشفيات الميدانية الأردنية التي أُنشئت في غزة، والضفة الغربية، ورام الله، ونابلس، والخليل، والقدس، لم تكن مجرد دعم طبي، بل كانت رسالة واضحة أن فلسطين في القلب، وأن الأردن لا يتخلى عن دوره التاريخي.
"فلسطين قضيتنا المركزية، ولن نتخلى عن أهلنا فيها، ولن نتوقف عن دعمهم، والجيش العربي الأردني هو أول من حمل هذه الرسالة وسيبقى أمينًا عليها."
جلالة الملك عبد الله الثاني
وفي كل عدوان على غزة، يكون الأردن أول من يفتح ذراعيه للإغاثة، وأول من يرسل طائرات المساعدات، وأول من يقف في المحافل الدولية لرفض العدوان ومناصرة الشعب الفلسطيني. والأبطال الذين يلبسون الزي العسكري، كانوا ولا يزالون جنود الحق والإنسانية، يؤكدون دائمًا أن الدم الأردني والفلسطيني لا فرق بينهما.
وفي ظل تصاعد الاعتداءات على المسجد الأقصى، فإن صوت الأردن - من خلال قيادته وقواته - لا يخفت. فالرعاية الهاشمية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والتي يحرسها رجال يعملون تحت مظلة الجيش العربي، هي التزام تاريخي لا مساومة عليه، ولا تهاون فيه.

وفي الختام ، نقول بملء الفم: إن كل من يحاول الإساءة إلى هذه المؤسسات الوطنية، إنما يسيء إلى نفسه أولاً، ثم إلى الأردن كله. ولن يقف الأردنيون مكتوفي الأيدي أمام هذه الحملات الرخيصة، بل سيظلون كما عهدناهم، السند والدرع، والحاضنة التي يشتد بها ظهر الجيش والأمن.
تبقى القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية شرفًا لا يُمس، وتاريخًا لا يُزوّر، وعهدًا لا يُنكث. وسيبقى الأردن آمنًا مستقرًا بفضل رجال لا يساومون، وقائد حكيم . لأن الوطن ليس شعارًا نردده، بل روحًا تسكننا، وسندًا نُحافظ عليه ومن يحمينا، نحميه.
وإنني، وأنا أكتب هذه الكلمات، لا أتحدث من منبر بعيد أو منظور حيادي، بل أتحدث كابنة لرجلٍ أفنى عمره في صفوف القوات المسلحة الأردنية، مدافعًا عن تراب هذا الوطن، حاملًا على كتفه همّ الوطن ورايته، وزارعًا فينا نحن أبناءه حب الأردن، والإيمان بأن خدمته شرف لا يعلوه شرف.
 

مواضيع قد تعجبك