*
الخميس: 10 نيسان 2025
  • 05 نيسان 2025
  • 15:44
طلب ترمب خفض أسعار الفائدة: سيناريوهات مستقبلية وتأثيراتها على سوق الذهب
الكاتب: د. معاذ القرالة

في سيناريو تجسّدهُ عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، تُعاد إثارة الجدل حول علاقة الرئاسة الأمريكية بالسياسة النقدية للاحتياطي الفدرالي. فإذا طالب ترمب - كجزء من سياساته الاقتصادية- بخفض أسعار الفائدة مجددًا، فكيف سيُؤثر ذلك على أسواق الذهب العالمية؟

السياق الافتراضي: لماذا قد يطلب ترمب خفض الفائدة؟
 عودة ترامب رئيسًا في 2025 كانت وسط تحديات اقتصادية محتملة، مثل:  
- تباطؤ النمو: بسبب أزمات عالمية متكررة أو انكماش في قطاعات حيوية.  
- ارتفاع التضخم: نتيجة سياسات تحفيزية سابقة أو اضطرابات في سلاسل التوريد.  
- ضغوط سياسية: كرغبة ترامب في تعزيز الأسواق قبل انتخابات منتصف المدة أو لتحفيز قطاعات مثل العقارات.  

في هذه الحالة، قد يلجأ إلى الضغط على رئيس الفيدرالي لتبني سياسة نقدية توسعية، رغم المخاوف من تقويض استقلالية البنك المركزي.

استقلالية الفيدرالي واستجابة السوق:
 
تاريخيًا، يحمي الاحتياطي الفدرالي استقلاليته في مواجهة الضغوط السياسية، لكن تكرار الطلبات العلنية من البيت الأبيض قد يخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق. إذا استجاب الفيدرالي لطلب ترامب، فقد يُفسر ذلك على أنه استسلام للضغوط، مما يُضعف ثقة المستثمرين في السياسة النقدية ويُزيد الطلب على الأصول الآمنة مثل الذهب. أما إذا رفض، فقد تُشعل المواجهة بين البيت الأبيض والفيدرالي مخاوف من انقسامات سياسية تُغذي بدورها صعود الذهب.

الذهب وأسعار الفائدة: معادلة لا تتغير:

تظل العلاقة العكسية بين أسعار الفائدة والذهب قائمة:  
1. تكلفة الفرصة البديلة: انخفاض الفائدة يجعل الذهب -الذي لا يُدر عائدًا- أكثر جاذبية مقارنة بالسندات أو الودائع.  
2. ضعف الدولار: التخفيضات النقدية قد تُضعف العملة الأمريكية، مما يجعل شراء الذهب (المُسعَّر بالدولار) أرخص للمستثمرين الأجانب.  
3. التضخم: إذا صاحب التخفيض تضخم مرتفع، سيتجه المستثمرون إلى الذهب كتحوط، خاصة إذا فقدت الأسواق الثقة في قدرة الفيدرالي على السيطرة على الأسعار.

عوامل إضافية قد تُعزز صعود الذهب في 2025:

لا يعتمد سعر الذهب على السياسة الأمريكية وحدها، بل على تفاعل عدة عوامل:  
- سياسات البنوك المركزية العالمية: إذا تبنت البنوك الأوروبية أو الصينية سياسات توسعية، قد يتضاعف الطلب على الذهب.  
- الأزمات الجيوسياسية: تصاعد التوترات في مناطق مثل تايوان أو الشرق الأوسط قد تدفع المستثمرين إلى الملاذات الآمنة.  
- تحوُّلات الطاقة الخضراء: إذا زاد الطلب على الذهب في الصناعات التكنولوجية أو كاحتياطي استراتيجي، قد يرتفع السعر حتى دون تغيير في الفائدة.

سيناريوهات محتملة لأسعار الذهب:
 
1. السيناريو الأول (استجابة الفيدرالي + تضخم مرتفع):  
   - قد يقفز الذهب إلى مستويات قياسية (فوق 3000 دولار للأونصة)، خاصة إذا اقترن التخفيض باضطرابات في أسواق الأسهم أو ارتفاع حاد في النفط.  

2. السيناريو الثاني (رفض الفيدرالي + استقرار اقتصادي):  
   - قد يتراجع الذهب مؤقتًا، لكن المواجهة العلنية بين ترامب والفيدرالي قد تُعيد تصاعده كرد فعل على عدم الاستقرار السياسي.  

3. السيناريو الثالث (تخفيضات متوازنة):  
   - إذا خفض الفيدرالي الفائدة تدريجيًّا مع الحفاظ على مصداقية السياسة النقدية، قد يشهد الذهب ارتفاعًا معتدلًا مدعومًا بانخفاض الدولار.

الخلاصة: الذهب مرآة للاضطرابات...

يبقى الذهب أداةً لفك تشابكات السياسة والاقتصاد. فإذا تحقق طلب ترامب، لن يكون التأثير ناتجًا عن قرار الفائدة نفسه، بل عن الرسائل التي يُرسلها: هل الاقتصاد في خطر؟ هل السياسة النقدية لم تعد محايدة؟ هذه الأسئلة وحدها كفيلة بإشعال سوق الذهب، مما يؤكد أن قيمته لا تنبع من بريقه، بل من قدرته على عكس مخاوف العالم.

مواضيع قد تعجبك