*
السبت: 12 نيسان 2025
  • 05 نيسان 2025
  • 11:08
من يحمي الطرف الأضعف؟
الكاتب: المحامي عبدالكريم الكيلاني

الأصل في التشريع التدخل لحماية مصالح الطرف الأضعف في العلاقة .

وفي عقود التامين على الاموال و الاشخاص عامة ، تكون الشروط الواردة في بوالص التامين نمطية ، يعدها محامون محترفون لشركات التأمين، وليس للمؤمن له هامش في تعديلها ، إلا لقاء مبلغ إضافي على القسط ، هذا إذا تنبه للاستثناءات العديدة التي تتضمنها البوليصة او عقد التامين .

و الملاحظ في مشروع القانون ، انه اخل بالتوازن المطلوب بشكل واضح و ان اصابع شركات التامين القت بثقلها في مواده ، و لم يجد المؤمن لهم من يدافع عن مصالحهم .
واذا كان المشروع يحتاج تنخيلا قانونيا، فساقف في هذه المقالة على ابرز ما جاء في المشروع مما يخل بمبدأ الحماية القانونية للمؤمن لهم 


اولا : توسع المشروع في حالات الفسخ بالإرادة المنفردة لشركات التامين كالتاخر في دفع القسط و ظهور مستجدات مالية او شخصية 
وغيرها .


وفي حالة جواز فسخ العقد، من طرف شركة التامين ، إذا ظهرت مستجدات مالية او شخصية تزيد من احتمالية وقوع الخطر  مثالا .

 فان هذا النص بصيغته الواردة في المشروع ، يهدد مصالح المؤمن لهم ، بما يتنافى مع مفهوم الخطر التأميني 
فالخطر هو  حالة من عدم التأكد التي تصاحب تحقق حوادث غير مرغوب فيها وتؤدي إلى حدوث عدد من الخسائر أو الأضرار المالية.

وان عبارة المستجدات ستشمل بالضرورة ، ما هو مشمول بمفهوم الخطر او بعض عناصره ، وعوضا ان يكون المشروع سببا أمان المؤمن له ، اصبح  سببا في تنصل شركة التامين من التزامها .

ولذلك ، إذا وجد المشرع ضرورة لهذا النص فلا بد من تقييده ، بعبارة ( مستجدات بفعل المؤمن له …)

ثانيا :

توسع مشروع القانون في الالتزامات القانونية الملقاة على عاتق المؤمن له وهي في اصلها التزامات تعاقدية ، كالالتزام بكافة شروط   الوثيقة ، اتخاذ الاحتياطات قبل وقوع الخطر اتخاذ الاجراءات لمنع تفاقم الخطر ، وذلك تحت طائلة فقدان الحق في التعويض ، والقاعدة في هذه الاحكام التراضي ، ويترك للقضاء تفسيرها ، بحيث لا تؤدي إلى تنصل المؤمن ( شركة التامين ) من جوهر التزاماتها نتيجة اخطاء عرضية قد يقع فيها المؤمن له فيما هو متعارف عليه 

ثالثا :اعتبر المشروع في اكثر من موطن ان الاستثناء من تامين بعض المخاطر هو الأصل ، كما في حالة الخسارة الناجمة عن التأخير ،و العيب الذاتي ، و القوارض و العث  انحراف السفينة عن مسارها وغير ذلك .

وهذا ما يلقي على عاتق المؤمن لهم ، قراءة وثائقهم بشكل دقيق ،لان شركات التامين ستتذرع بالنص القانوني كما ورد في المشروع في حال إقراره بهذه الصيغة .
و لابد هنا ان نشير ان هذه الاخطار ، يجوز شمولها بالتغطية التامينية ، بل ان وثائق اللويدز شروط مجمع مكتتبي التامين / لندن تعتبر الانحراف خطرا مشمولا بالتغطية شريطة الاشعار بتغيير المسار .

رابعا : قلص المشروع كمبدا عام من نطاق مسؤولية المؤمن عن الكسب الفائت ، بحيث اعتبره غير مشمول بالتغطية التامينية و لا وجه لتدخل المشرع في نطاق هذه التغطية لان الأصل فيها ما يتراضى عليه الأطراف ، و المبادىء  التي استقر عليها العمل بهذا الخصوص .

محصلة القول ، ان مشروع القانون يحتاج لجراحة تعديلية ، في عدة مواطن ، تعيد له التوازن و تحفظ مصالح جميع الأطراف دون جور تشريعي يخل بجوهر المسؤولية التامينية نتيجة هفوات او اخطاء 
مقبولة في العرف و العادة و التطبيق القضائي

مواضيع قد تعجبك