يشهد الأردن منذ سنوات جهوداً حثيثة لتطوير منظومته السياسية وتعزيز دور الأحزاب وذلك في إطار رؤية تهدف إلى توسيع المشاركة الديمقراطية وإشراك مختلف فئات المجتمع وخاصة الشباب في عملية صنع القرار وقد جاءت هذه الإصلاحات استجابة لمتطلبات التطور السياسي والاجتماعي وسعياً نحو تحقيق بيئة سياسية أكثر انفتاحاً وتعددية.
في إطار السعي نحو تحديث الحياة السياسية أقرت الدولة الأردنية تعديلات جوهرية على القوانين المنظمة للأحزاب والانتخابات هذه التعديلات ركزت على تعزيز العمل الحزبي وتقويته من خلال وضع معايير جديدة لضمان شمولية أكبر لمختلف الفئات الاجتماعية ومن أبرز هذه الإصلاحات فرض متطلبات جديدة على الأحزاب السياسية، مثل ضرورة تمثيل الشباب بنسبة لا تقل عن 20% من أعضائها، إضافة إلى تخصيص نسبة مماثلة للنساء ويهدف ذلك إلى إفساح المجال أمام فئات جديدة للمشاركة في صناعة القرار السياسي.
إن مستقبل الأحزاب الأردنية مرهون بمدى قدرتها على التكيف مع المستجدات السياسية وتقديم برامج تعكس احتياجات المجتمع فالنجاح في بناء ثقة المواطنين وخاصة الشباب يعتمد على مدى واقعية وفاعلية البرامج الحزبية
المطروحة فضلاً عن الشفافية والانفتاح في إدارة شؤون الأحزاب التحدي الأكبر الذي يواجه الأحزاب يكمن في ضرورة التحول من كيانات تقليدية تعتمد على الشخصيات إلى مؤسسات حديثة تمتلك رؤية واضحة وخططاً قابلة للتطبيق وعليه فإن استمرارية هذه الأحزاب ستتوقف على مدى نجاحها في استقطاب الشباب ومنحهم الفرصة للمشاركة الحقيقية في عمليات اتخاذ القرار.
وفي ذات السياق يمثل الشباب عصب أي عملية إصلاح سياسي فهم الفئة الأكثر قدرة على إحداث التغيير ومع ذلك لا تزال نسبة انخراط الشباب في العمل الحزبي محدودة ما يطرح تساؤلات حول مدى نجاح الأحزاب في استقطابهم ويرى بعض المحللين أن العزوف عن العمل الحزبي يعود إلى عدة عوامل أبرزها غياب الثقة بالأحزاب وضعف الثقافة السياسية لدى بعض الشباب بالإضافة إلى النظرة السائدة التي تعتبر الأحزاب كيانات غير فاعلة ومن أجل تجاوز هذه العقبات لا بد من العمل على تطوير برامج حزبية أكثر جاذبية إلى جانب توفير مساحات حقيقية للشباب للمشاركة في صنع القرار.
علاوة على ذلك وعلى الرغم من الإصلاحات السياسية الأخيرة لا تزال هناك تحديات تواجه العمل الحزبي في الأردن أبرزها ضعف الوعي الحزبي لدى المجتمع الأردني مما يساهم في ضعف الإقبال على الانضمام للأحزاب
وغياب البرامج الحزبية القادرة على تلبية تطلعات المواطنين
والتحديات المالية والإدارية التي تعيق نمو الأحزاب وقدرتها على تقديم بدائل حقيقية
وضعف التواصل بين الأحزاب والشباب مما يؤدي إلى شعور بالإقصاء وعدم جدوى الانضمام للحياة الحزبية.
على الرغم من التحديات هناك العديد من الفرص التي يمكن أن تسهم في تعزيز دور الأحزاب في الحياة السياسية ومنها توظيف التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لتوسيع القاعدة الجماهيرية للأحزاب وجذب الشباب وتبني استراتيجيات جديدة في التواصل السياسي تعتمد على الشفافية والوضوح في الطرح وتشجيع الحوارات المفتوحة بين الشباب والأحزاب لتعزيز الثقة وتحقيق تكامل في الرؤى وتطوير برامج تدريبية موجهة للشباب لتعزيز مهاراتهم السياسية وتأهيلهم للمناصب القيادية داخل الأحزاب.
مجمل القول ،،، يمثل التحديث السياسي في الأردن خطوة هامة نحو تعزيز الديمقراطية لكنه يبقى رهينة بقدرة الأحزاب على تحقيق تحول حقيقي في منهجيات عملها واستقطاب الشباب وتمكينهم من لعب دور فاعل في الحياة السياسية ومع استمرار الجهود الإصلاحية يمكن أن تصبح الحياة الحزبية في الأردن أكثر ديناميكية مما يسهم في تعزيز الاستقرار السياسي وترسيخ الممارسة الديمقرطيه.