*
الاربعاء: 26 آذار 2025
  • 24 آذار 2025
  • 23:23
اخوان اليوم والامس !
الكاتب: م. مجدي القبالين

لم يكن الإخوان يومًا تيارًا واحدًا في الزمان والمكان، بل كانوا انعكاسًا لظروفهم، ونتاجًا لسياقاتهم الفكرية والسياسية. إخوان الأمس، أولئك الذين عايشوا الدولة وهمومها، كانوا أكثر وعيًا بموازين المصالح الوطنية، وأكثر قربًا من نبض الناس، فكانوا جزءًا من النسيج الأردني، لا حجر عثرة في طريقه.

الرجال من طينة إسحاق الفرحان وعبد المجيد الذنيبات لم يكونوا ليجعلوا من انتمائهم عبئًا على الدولة، بل كانوا صمام أمان، وحائط صد أمام الانحرافات والتجاذبات. لم يكونوا مثاليين، لكنهم كانوا عقلاء. لم يتاجروا بالمواقف، ولم يساوموا على الأردن.

حين تقع الفتن، يُعرف قدر الرجال. وحين تمرد البعض وخرج على الدولة، كان المتوقع أن يكون موقف الجماعة رافضًا وقاطعًا، كما كان سيكون في زمن أولئك الحكماء. لكننا اليوم نرى مواقف ملتبسة، بل ومساندة أحيانًا لمن اختاروا طريق الصدام بدل البناء، في مشهد يعكس خللًا في البوصلة واختلالًا في القيم.

تخيّلوا فقط ... هل يمكن أن يحدث في زمن إسحاق الفرحان أن يقوم نائب من الإخوان، وهو يحمل صفة نائب في البرلمان الأردني، بمهاجمة الأردن وجيشه وشرطته من على منابر تركيا؟! لو وقعت مثل هذه الحادثة في زمن الفرحان، لكان الردّ صارمًا، ولتمت محاسبة صاحبها بقطع اللسان السياسي والأخلاقي، قبل أن يتطاول على الاردن. تلك كانت أيام الرجال الذين فهموا معنى الانتماء، وعرفوا حدود الخلاف، وميزوا بين المعارضة والبذاءة.

الفرق بين الأمس واليوم أن القيادة اليوم لم تعد حكيمة كما كانت، والخطاب لم يعد متزنًا، بل بات محكومًا بردود الأفعال ومشاعر الغضب، يُحرّكه شباب يفتقرون إلى النضج السياسي والتاريخي، ويقودونه إلى مهاوٍ لا تليق بجماعة تدّعي أنها وطنية.

حدثونا عن مواقف إخوان اليوم، ولا تستحضروا حكماء رحلوا عن الدنيا... فقد ماتوا، وبقيتم أنتم، للأسف.

مواضيع قد تعجبك