*
الثلاثاء: 25 آذار 2025
  • 22 آذار 2025
  • 23:19
مجزرة على طاولة الموازنة حين يتحول الدم الفلسطيني إلى ورقة مساومة؟
الكاتب: زهير الشرمان

في عالم يرفع فيه شعار العدالة وحقوق الإنسان، يُسفك الدم الفلسطيني يوميا على مذبح الحسابات السياسية، ليكون وقودا لموازنة دولة الاحتلال، وسلاحا بيد حكومتها المتطرفة لضمان بقائها في السلطة. إنه الدم الذي لا يسعر في أسواق العالم، لكنه يُستثمر في دهاليز السياسة، ليمرر ميزانيات، ويُسكت معارضين، ويعزز آلة القمع والاستيطان.

مع اقتراب موعد إقرار موازنة إسرائيل لعام 2025، تتصاعد آلة الحرب الإسرائيلية بوحشية غير مسبوقة، وكأن العدوان على غزة والضفة الغربية أصبح عرفا سياسيا يُلجأ إليه عند الحاجة لتمرير سياسات مشبوهة، وإرضاء أطراف متطرفة تمسك بخيوط الحكم. فكلما تعثر الاحتلال داخليا، اندفعت دباباته نحو المدن الفلسطينية، في محاولة يائسة للتغطية على أزماته الداخلية بدم الأبرياء.

إن حكومة بنيامين نتنياهو، التي تواجه تصدعات سياسية واقتصادية، تدرك أن دعم اليمين المتطرف هو شريان حياتها، وأن هذا الدعم لن يتحقق إلا عبر مزيد من القتل والدمار. لذلك، فإن إقرار موازنة 2025 ليس مجرد إجراء مالي، بل حدث دموي يُغذى بالمجازر، ويُمرر على جثث الأطفال والنساء تحت مسمى "الأمن القومي".

في الوقت الذي يُحرم فيه الفلسطينيون من أبسط حقوقهم، تُخصص مليارات الشواقل في الموازنة الإسرائيلية لتمويل آلة الحرب والاستيطان. تُرفع ميزانية الجيش، تُعزز ترسانة الاحتلال، تُوسع المستوطنات، ويزداد عدد الجنود على الحواجز العسكرية، بينما يُسحق الشعب الفلسطيني بين فكي العدوان والحصار.

إنها معادلة صارخة لواقع مرير كلما زاد القتل، زادت الاعتمادات العسكرية، وكلما زادت القوة، زادت جرأة الاحتلال على قمع أي صوت يطالب بحق الفلسطينيين في الحياة. 

أين تلك الأصوات التي تهتز لأجل أي حادثة في بقعة أخرى من العالم؟ أين الضمير الإنساني حين يقتل الطفل الفلسطيني بلا سبب، ويسحق الحلم الفلسطيني تحت جنازير الدبابات؟ 

لكن، مهما حاول الاحتلال تحويل الدم الفلسطيني إلى رقم في موازناته، فإن الحقيقة تبقى واحدة الشعوب لا تموت، والمقاومة لا تنكسر، والتاريخ لا يُزيف إلى الأبد.

الدم الفلسطيني ليس سلعة في يد الحكومات المتطرفة، وليس ورقة في مفاوضات القوة، بل هو صرخة مدوية في وجه الاحتلال، ونداء للحرية لن يخفت صوته أبدا.

فهل آن الأوان ليكسر العالم صمته ؟ هل آن الأوان ليدرك الجميع أن العدوان على فلسطين ليس مجرد أزمة سياسية، بل قضية إنسانية وأخلاقية تمثل اختبارا لضمير البشرية جمعاء؟

إن لم يتحرك الضمير العالمي اليوم، فقد يكون الغد أكثر ظلاما، لكن ما هو مؤكد أن فلسطين بأرضها، وأهلها، ودماء شهدائها، ستبقى عصية على الانكسار، وسيبقى الاحتلال مهما تجبر، كيانا مؤقتا زائلا، لا تدعمه إلا المجازر، ولا تؤخر سقوطه إلا صفقات الدم والموت.

 

مواضيع قد تعجبك