في أعماق بعض القلوب، تتغلغل مشاعر الحقد كما يتسلل السُم في الجسد، فتفسد صفاء النفس وتحولها إلى ساحة معركة لا تهدأ. والأسوأ من ذلك، حين يمتد هذا الحقد إلى روابط الدم، فيصبح أداة لقطع الأرحام وتفكيك الأسر، متجاهلين بذلك قيم التسامح التي دعا إليها الدين وأكدتها الفطرة السليمة.
الحاقد، الذي يحمل الكراهية في قلبه، لا يكتفي بإيذاء نفسه، بل ينقل هذا الشر إلى علاقاته، فيقطع صلة الرحم تحت مبررات واهية، وكأن جرحه لا يلتئم إلا بزيادة المسافة بينه وبين أهله وأقاربه. لكنه لا يدرك أن قطيعة الرحم ليست مجرد خلاف، بل هي باب يُفتح للندم، حيث يدرك الإنسان، ولكن بعد فوات الأوان، أن العمر قصير، وأن من قطعهم قد يرحلون قبل أن تُتاح له فرصة الصلح.
إن قطيعة الرحم ليست دليل قوة، بل علامة ضعفٍ يُغلفها العناد، بينما التسامح والتواصل يحتاجان إلى قلب قوي يؤمن بأن العفو رفعة، وأن صلة الرحم بركة في العمر والرزق، كما وعدنا الله سبحانه وتعالى.
فلنطهر قلوبنا من الحقد، ولنمد جسور الوصل بدل أن نهدمها، فالدنيا فانية، وما يبقى لنا حقًا هو الحب والذكرى الطيبة، لا الكراهية والفرقة.