خبرني - بعد إعلان الحكومة عن إنشاء محطة جديدة لتوليد الكهرباء شمال المملكة، أكد معنيون في القطاع أن هذا المشروع سيسهم في قدرة النظام الكهربائي وتعزيز أمن واستدامة تزويد الطاقة في المملكة.
وقرر مجلس الوزراء أول من أمس السير في إجراءات إنشاء مشروع محطة توليد كهرباء بتكنولوجيا الدورة المركبة بسعة تقارب 600 ميغاواط، في المنطقة الشمالية من المملكة، وتكليف شركة الكهرباء الوطنية بتنفيذه كمشروع توليد خاص على غرار مشاريع أخرى قامت بتنفيذها سابقاً ضمن نفس الغاية، بحسب الغد.
وقالت الحكومة إن المشروع سينفذ على مرحلتين، تبدأ الأولى مع نهاية عام 2027 والثانية خلال عام 2028، بحيث توليد الطاقة الكهربائية في هذا المشروع باستخدام تكنولوجيا "الدورة المركبة" التي تعتمد على الغاز الطبيعي كوقود أساسي، والديزل كوقود احتياطي.
مواجهة الطلب المتنامي على الكهرباء حتى عام 2030
في هذا الخصوص، أكدت الناطق الإعلامي باسم هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن د. تحرير القاق أهمية قرار إنشاء محطة توليد كهرباء جديدة بتكنولوجيا الدورة المركبة في شمال المملكة، مشيرة إلى أن ذلك في إطار تحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي وضمان استقرار وموثوقية النظام الكهربائي الوطني.
وحول أهمية إنشاء المحطة الجديدة، قالت القاق، إن المشروع يعد خطوة إستراتيجية نحو تعزيز أمن الطاقة في المملكة واستدامتها، حيث ستساهم المحطة في تلبية جزء من الطلب المتنامي على الكهرباء حتى عام 2030، من خلال توفير ما يقارب 10 % من إجمالي احتياجات المملكة من الكهرباء بقدرة إنتاجية تصل إلى 600 ميغاواط.
وبينت أن هذا التزويد يساعد على توفير الطاقة بأسعار تنافسية وبأعلى مستويات الكفاءة والاعتمادية، كما أن استخدام تكنولوجيا الدورة المركبة، التي تعتمد على الغاز الطبيعي كوقود أساسي، سيسهم في تحسين كفاءة توليد الكهرباء وتخفيض التكاليف التشغيلية والانبعاثات البيئية ما يتماشى مع التوجهات العالمية للاستدامة في قطاع الطاقة.
إلى جانب دعم استقرار الشبكة الكهربائية، سيسهم المشروع في تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، مما يعزز جاذبية المملكة للاستثمارات في قطاع البنية التحتية والطاقة.
كما سيؤدي المشروع إلى توفير فرص عمل جديدة، سواء خلال مرحلة الإنشاء أو بعد التشغيل، مما ينعكس إيجابا على سوق العمل ويدعم الاقتصاد الوطني.
بناء المشروع وفقا لدراسة الاحتياجات المستقبلية
وفيما يتعلق بقدرة الشبكة على استيعاب إنتاج المحطة الجديدة، قالت القاق إنه تم التخطيط للمشروع بناء على دراسة احتياجات النظام الكهربائي المستقبلية، حيث ستعمل شركة الكهرباء الوطنية على اتخاذ جميع التدابير الفنية اللازمة لضمان تكامل إنتاج المحطة مع الشبكة الكهربائية دون التأثير على استقرار الشبكة أو كفاءة التشغيل، من خلال تحسين البنية التحتية وتعزيز قدرة النقل والتوزيع.
كما أن تنفيذ المشروع على مرحلتين (نهاية عام 2027 وخلال عام 2028)، سيتيح وفقا للقاق إدخال الإنتاج تدريجيا بالتزامن مع الاحتياجات المتزايدة للطاقة والتوسع المخطط له في البنية التحتية لشبكتي النقل والتوزيع، مما يعزز مرونة الشبكة ويدعم تكيفها مع المتطلبات المستقبلية واحتياجات الشبكة الكهربائية الفعلية.
المحطة تدعم مراكز الأحمال في الشمال
وقال المدير العام الأسبق لشركة الكهرباء الوطنية م. عبدالفتاح الدرادكة إن بناء مشروع التوليد الخاص الخامس في الشمال بعد خطوة مهمة في تعزيز الاستطاعة التوليدية لمواجة نمو الأحمال السنوية.
وبين أن اختيار شمال المملكة لموقع المحطة الجديدة هو مطلب لأن محطات التحويل التي تغذي مراكز الأحمال على الجهد الأعلى 400 كيلو فولت تتركز في المناطق الوسطى والجنوبية والغربية ووجود هذه المحطة في الشمال وربطها على شبكة الـ400 كيلو فولت يزيد في مرونة الشبكة واستقراريتها.
كما يتيح ذلك بحسب الدرادكة جاهزية أكبر للربط مع العراق وتعزيز الربط الكهربائي مع سورية، بالإضافة إلى أن موقع المحطة المقترح في منطقة الخناصري المفرق يعد الأقرب لمسار خط الغاز العربي ما يسهل ربط نفس النقطة بأنبوب غاز مع الريشة لنقل غاز الريشة الذي من المأمول وسط تأكيدات حكومية بوجود كميات تجارية تغطي حاجة المملكة لفترة طويلة لا تقل عن 50 عاما.
توفير حمل أساسي مستقر
إلى ذلك، قال المدير العام الأسبق للشركة د. أحمد حياصات إن نمو أحمال النظام الكهربائي في المملكة يتسارع، وهذا يستدعي تأمين أحمال أساسية ثابتة تواكب هذه الزيادة لضمان أمن واستمرارية التزويد.
وأشار حياصات إلى أن الطاقة المتجددة والتي تشكل نحو 27 % من أحمال النظام الكهربائي حاليا لا يمكن اعتبارها أحمالا أساسية ثابتة، نظرا لكونها عرضة للتأثر بالظروف الجوية، وعليه فإن تغطية الأحمال يجب أن تؤمن بوجود وحدات توليدية مستدامة مثل وحدات التوليد باستخدام الغاز والديزل التي ستوفرها المحطة الجديدة.
كما بين حياصات أن قدرة المحطة المعلن عنها أي 600 ميغاواط ستساعد على تقوية أحمال الشبكة في منطقة الشمال، متوقعا أن يستغرق بناء المحطة 4 سنوات بحيث ستكون السنة إلى السنة ونصف الأولى لطرح وإعداد العطاءات لجذب مستثمرين في المشروع.
نمو الأحمال الكهربائية والإنتاج في 5 سنوات
تشير بيانات القطاع إلى ارتفاع إنتاج الطاقة الكهربائية في الأردن بنسبة 15.2 % خلال 2019-2023، تزامنا مع زيادة في الحمل الأقصى للنظام الكهربائي بنسبة 24 % خلال الفترة نفسها.
ووفقا لهذه البيانات بلغ حجم إنتاج الطاقة الكهربائية في المملكة العام 2023، من مختلف مصادرها 24182 جيجاواط ساعة، مقارنة مع 22545.7 جيجاواط ساعة العام الذي سبقه، فيما كان حجم الطاقة المنتجة 20995.8 جيجاواط ساعة العام 2019.
وتعمل في الأردن 8 شركات لتوليد الطاقة الكهربائية ما بين شركات توليد بالطاقة التقليدية والغاز أو الطاقة المتجددة، أو الصخر الزيتي تتوزع محطاتها في مناطق مختلفة من المملكة.
أما الحمل الأقصى للنظام الكهربائي، فقد بلغ العام 2023 مستوى 4240 ميغاواط مقارنة مع 4010 ميغاواط العام الذي سبقه، فيما كان مستواه 3380 ميغاواط العام 2019، وبلغ فيه معدل استهلاك الفرد من الطاقة الكهربائية العام الماضي 1.951 كيلو واط ساعة، مقارنة مع 1.821 كيلو واط العام 2022.
الحكومة قالت أول من أمس إن المشروع ينسجم مع أهداف رؤية التحديث الاقتصادي ضمن محرك النمو؛ إذ يسهم في تحقيق أهداف مبادرات محرك التنمية المستدامة في مجال قطاع الطاقة، من خلال تعزيز كفاءة النظام الكهربائي وموثوقيته وقدرته على توفير الطاقة الكهربائية المتنامية ضمن أقل الكلف المتاحة، إذ سيغطي الطاقة الكهربائية الإنتاجية ما يقارب 10 % من احتياجات المملكة.
كما يسهم المشروع في تحقيق أهداف مبادرات محرك الاستثمار من خلال تعزيز مكانة المملكة التنافسية لجذب الاستثمار الخاص من خلال الدفع قدمًا بتعزيز الفرص الاستثمارية كنموذج ناجح لتنفيذ مشاريع البنية التحتية.
وتعد تكنولوجيا "الدورة المركبة" لتوليد الطاقة الكهربائية من أكثر التكنولوجيات نضجاً وكفاءة وموثوقية في توليد الطاقة الكهربائية حالياً على الصعيد العالمي، كما أنها تعد من التكنولوجيا الأكثر اعتمادية.
وسيتبنى المشروع نموذج الشراكة مع القطاع الخاص، مما يسهم في تعزيز نهج التشاركية بين القطاعين العام والخاص من خلال زيادة الاستثمارات في قطاع الطاقة.
كما من المتوقع أن يوفر المشروع أكثر من 100 فرصة عمل خلال مرحلة الإنشاء التي تمتد قرابة عامين، وبحدود 100 وظيفة دائمة بعد التشغيل، مما يسهم في دعم سوق العمل المحلي.