*
الجمعة: 21 آذار 2025
  • 19 آذار 2025
  • 21:43
“غزة بين فكيّ المؤامرة: السلاح أو الذبح!”
الكاتب: أ. د. هاني الضمور

في عالمٍ لا يعترف إلا بالقوة، يريدون من غزة أن تُسلِّم سلاحها طواعية، وكأنها لم ترَ كيف يُذبح الضعفاء بدمٍ بارد تحت رايات “السلام”! يطالبونها بإلقاء بندقيتها والاعتماد على وعودٍ لم تحفظ شعبًا يومًا، وكأن الفلسطينيين لم يتعلموا من كل التجارب الدامية التي مرَّ بها المستسلمون قبلهم!

كيف أصبحت المقاومة جريمةً، بينما الاحتلال والاستعمار يُبرَّران باسم القانون الدولي؟ بأي منطقٍ يُطلب من أصحاب الأرض التخلي عن سلاحهم، بينما المحتل يكدّس ترسانته النووية والصاروخية بلا رقيب؟

هل أصبح السلاح الفلسطيني خطرًا على العالم، بينما الطائرات التي تُمطر غزة بالقنابل ليست كذلك؟

وصفة الذبح.. الرغيف مقابل البندقية!

إنها ليست حربًا على “الإرهاب”، وليست معركةً حول المساعدات أو المعابر، إنها خطةٌ واضحة: نزع سلاح غزة، ليُترك شعبها عاريًا في وجه المجازر القادمة. يريدون مقاومةً بلا سلاح، وشعبًا بلا درع، حتى يأتوا لاحقًا لينفذوا ما لم يستطيعوا فرضه بالقوة العسكرية.

لكن الفلسطينيين ليسوا سذجًا، وقد قرأوا التاريخ جيدًا. كم مرةٍ طُلب من شعبٍ أن يُسلِّم سلاحه ليحصل على “السلام”، ثم لم يحصد سوى الدمار؟

بيروت؟ قالوا لمنظمة التحرير: “خذوا بنادقكم وارحلوا، فالقانون الدولي يحميكم!” وما إن غادرت، حتى ذُبح الفلسطينيون في صبرا وشاتيلا كأنهم ماشيةٌ مسلوبة الإرادة.

أوكرانيا؟ قالوا لها: “المعاهدات الدولية هي درعكم، لا تحتاجون الأسلحة النووية!” وعندما احتاجت الحماية، وجدت أن الاتفاقيات ليست أكثر من حبرٍ على ورقٍ يتمزق مع أول قذيفة.

الأندلس؟ ملوك الطوائف سلَّموا سيوفهم مقابل الأمان، ولم يمر وقتٌ طويل حتى اقتيدوا إلى محاكم التفتيش، حيث عُذبوا وقُتلوا، وحيث أُبيدت هويتهم عن بكرة أبيها.

فهل تريدون من غزة أن تُكرِّر نفس المأساة؟

السلاح ليس خيارًا.. إنه الحياة!

لم يُجبر الاحتلال على أي تنازلٍ إلا بالقوة، ولم يفاوض الفلسطينيين يومًا إلا حين كان السلاح حاضرًا في المشهد. في فيتنام، رفض المقاومون وقف إطلاق النار حتى أثناء المفاوضات، لأنهم كانوا يدركون أن المحتل لا يفهم إلا لغة القوة. في أفغانستان، حين طالبت أمريكا طالبان بالتخلي عن سلاحها كشرطٍ للتفاوض، جاءها الرد القاطع: “ما أجلسكم معنا إلا هذا السلاح!”

لكن في غزة، يريدون أن تتخلى المقاومة عن سلاحها قبل حتى أن يُطرح أي حلٍّ حقيقي!

أي استغباءٍ هذا؟ أي استعبادٍ يريدون فرضه تحت قناع “السلام”؟ هل يُعقل أن يكون مستقبل غزة مرهونًا بوعودٍ جوفاء، بينما كل التجارب السابقة تثبت أن السلاح هو الضامن الوحيد للبقاء؟

سلامٌ بلا سلاح.. استسلامٌ بلا عودة!

إن كانت الحرب قد انتهت – كما يدَّعون – فلماذا يخشون بقاء السلاح؟ ولماذا لا يُطالبون الاحتلال أولًا بالتخلي عن ترسانته؟ الحقيقة أنهم لا يريدون سلامًا، بل يريدون استسلامًا مطلقًا، يريدون غزة منزوعة الأنياب، بلا قوةٍ، بلا إرادة، حتى لا يُعيق أحد مشاريعهم الاستعمارية في المنطقة.

لكن على من يراهنون؟ على شعبٍ خاض المجازر وبقي؟ على مقاومةٍ خرجت من تحت الركام وما زالت تُقاتل؟

“سلامٌ بلا سلاح.. كالمشي إلى المقصلة طوعًا!”
وغزة لن تخوض هذا الطريق!

مواضيع قد تعجبك