في خطوة تُبرز التداخل المتزايد بين التكنولوجيا والقطاع العقاري، أعلنت شركة ( Zito Realty LLC ) ، ومقرها فلوريدا، عن قبولها لعملة Pi Network الرقمية في معاملات بيع وشراء العقارات. تُعتبر هذه الخطوة تطورًا لافتًا في مجال العملات الرقمية، حيث تُعزز من استخداماتها العملية وتُسهم في دمجها في قطاعات اقتصادية حيوية.
صعود العملات الرقمية وتأثيرها على القطاعات الاقتصادية
شهدت السنوات الأخيرة نموًا متسارعًا في تبني العملات الرقمية، حيث تجاوزت قيمتها السوقية حاجز التريليونات من الدولارات. هذا النمو لم يكن محصورًا في نطاق التداول والاستثمار فحسب، بل امتد ليشمل قطاعات متعددة مثل التجارة الإلكترونية، الخدمات المالية، وحتى القطاع العقاري. تُعَدُّ العملات الرقمية، مثل ( Pi Network) ، أدوات مالية مبتكرة تُوفر مزايا عديدة، بما في ذلك السرعة في التحويلات، تقليل التكاليف، وتعزيز الشفافية.
العملات الرقمية والقطاع العقاري: شراكة ناشئة
يُعتبر القطاع العقاري من أهم القطاعات الاقتصادية التي بدأت في تبني العملات الرقمية كوسيلة للدفع. في دبي، على سبيل المثال، شهدت عمليات شراء العقارات باستخدام العملات المشفرة نموًا بنسبة تجاوزت 300% خلال عام 2022. هذا التوجه يعكس رغبة المستثمرين والمطورين في تبني تقنيات حديثة تُسهم في تسهيل العمليات وتوسيع قاعدة العملاء.
شركة Zito Realty LLC: ريادة في تبني العملات الرقمية
تُعَدُّ شركة Zito Realty LLC من الشركات الرائدة التي أدركت إمكانيات العملات الرقمية في تعزيز عملياتها وتوسيع نطاق خدماتها. بقبولها لعملة Pi Network، تُوفر الشركة لعملائها خيارات دفع مبتكرة تتماشى مع التطورات التكنولوجية الحديثة. هذا التوجه لا يُسهِّل فقط عمليات الشراء للعملاء الدوليين، بل يُعزِّز أيضًا من مكانة الشركة كمؤسسة تتبنى الابتكار وتُواكب التغيرات في السوق.
فوائد تبني العملات الرقمية في القطاع العقاري
توسيع قاعدة العملاء: يُمكن للعملات الرقمية جذب شريحة جديدة من المستثمرين الذين يفضلون استخدام هذه التقنيات الحديثة في معاملاتهم المالية.
تسريع العمليات: تُساهم العملات الرقمية في تقليل الوقت المستغرق لإتمام المعاملات العقارية، مما يُحسِّن من كفاءة العمليات.
تقليل التكاليف: بفضل تقنيات البلوك تشين، يُمكن تقليل الرسوم والتكاليف المرتبطة بالمعاملات التقليدية، مما يعود بالفائدة على كل من البائع والمشتري.
تعزيز الشفافية: تُوفِّر تقنية البلوك تشين سجلات غير قابلة للتغيير، مما يُعزِّز من ثقة الأطراف المشاركة في المعاملة.
التحديات المحتملة
على الرغم من الفوائد العديدة، إلا أن هناك تحديات يجب مراعاتها عند تبني العملات الرقمية في القطاع العقاري، منها:
التقلبات السعرية: تُعَدُّ العملات الرقمية معرَّضة لتقلبات سعرية حادة، مما قد يؤثر على قيمة المعاملات . لكن عملة . Pi Network تتميز بانها غير متقلبة ولاتتأثر بتقلبات السوق والاخبار السلبيه والايجابيه ، بسبب التقنية المبتكرة المسماه ببروتوكول الاجماع القائم على تثبيت سعر العمله على سعر مجمع عليه مابين الشركه الام والرواد والشركات التي تقبل الدفع مما يحد من تقلبات السعر التي يعاني منها سوق العملات الرقمية بشكل عام .
القوانين والتشريعات: يحتاج استخدام العملات الرقمية إلى إطار قانوني واضح يُنظِّم استخدامها ويُحمي حقوق الأطراف المعنية.
الأمان السيبراني: تتطلب المعاملات الرقمية أنظمة أمان متقدمة لحماية الأطراف من الهجمات الإلكترونية والاحتيال.
مستقبل العملات الرقمية في القطاع العقاري
مع استمرار التطور التكنولوجي وزيادة الوعي بفوائد العملات الرقمية، من المتوقع أن يشهد القطاع العقاري تبنيًا أوسع لهذه التقنيات. قد نرى في المستقبل القريب منصات عقارية تعتمد بالكامل على تقنيات البلوك تشين، مما يُسهِّل عمليات البيع والشراء، ويُعزِّز من الشفافية والكفاءة.
تُشكِّل خطوة شركة Zito Realty LLC بقبول عملة Pi Network الرقمية في معاملاتها العقارية مثالًا حيًا على التكامل بين التكنولوجيا والقطاع العقاري. هذا التوجه يُبرز الإمكانيات الهائلة للعملات الرقمية في إعادة تشكيل القطاعات الاقتصادية التقليدية، ويفتح آفاقًا جديدة للمستثمرين والمطورين على حد سواء. ومع استمرار هذا الاتجاه، قد نشهد تحولًا جذريًا في كيفية تنفيذ المعاملات العقارية، مما يُؤكد على أهمية مواكبة التطورات التكنولوجية وتبني الابتكار في جميع المجالات.
استخدام العملة الرقمية في السوق العقاري في الأردن يواجه عدة تحديات وفرص، ويمكن تقييم مدى الاستعداد بناءً على عدة محاور رئيسية:
1- البيئة القانونية والتشريعية حاليًا، البنك المركزي الأردني يمنع التعامل بالعملات الرقمية مثل "البيتكوين" ويصدر تحذيرات بشأن المخاطر المرتبطة بها. لا توجد حتى الآن تشريعات تنظم استخدامها في المعاملات العقارية أو المالية الرسمية.
نعم، البنك المركزي الأردني أصدر عدة تعاميم وتحذيرات منذ عام 2014 تحظر التعامل بالعملات الرقمية مثل "البيتكوين"، وذلك بسبب المخاطر المرتبطة بها. في عام 2021، أصدرت هيئة الأوراق المالية الأردنية قرارًا تنظيميًا يحظر على شركات الخدمات المالية التعامل بالعملات الرقمية كوسيلة للدفع أو الاستثمار.
ومؤخرًا، في يناير 2025، قرر مجلس الوزراء الأردني وضع إطار تنظيمي قانوني شامل للتعامل بالأصول الافتراضية والرقمية خلال عام، بهدف مواكبة التغيرات العالمية في القطاع المصرفي وحماية المستثمرين.
2- البنية التحتية التكنولوجية الأردن يمتلك قطاعًا ماليًا رقميًا متطورًا نسبيًا، مع انتشار المحافظ الإلكترونية مثل "إي فواتيركم" و"زين كاش" و"أورانج موني"، مما يعني إمكانية استيعاب المدفوعات الرقمية.مع ذلك، لا تزال العملات الرقمية غير معترف بها رسميًا في البنوك والشركات العقارية، مما يعيق تنفيذ الصفقات العقارية بها.
3- قبول السوق العقاري معظم المستثمرين العقاريين والمقدّرين العقاريين يعتمدون على التقييم التقليدي بالدينار أو الدولار، ولا يوجد توجه قوي نحو قبول العملات الرقمية في المعاملات.غياب إطار قانوني واضح يجعل المستثمرين مترددين في استخدامها، خوفًا من التقلبات السعرية والمخاطر القانونية.
4- إمكانية الاستفادة إذا تم السماح باستخدام العملات الرقمية مستقبلاً، فسيكون لها فوائد مثل: تسهيل المعاملات الدولية، خاصة للأردنيين المغتربين الراغبين في شراء العقارات عن بُعد.، و تقليل تكاليف التحويلات المالية مقارنةً بالتحويلات البنكية التقليدية. زيادة الشفافية والأمان عبر استخدام تقنية "البلوك تشين" لتوثيق الملكيات ومنع التلاعب.
5- المخاطر والتحديات التقلب السعري العالي للعملات الرقمية يجعل من الصعب تحديد قيمة العقار بالدقة المطلوبة. غياب التشريعات الناظمة يزيد المخاطر القانونية والمحاسبية. الجرائم المالية مثل غسل الأموال قد تزداد في غياب رقابة واضحة.
الدمج الرقمي في التقييم العقاري
دمج العملات الرقمية في التقييم العقاري يمثل خطوة مبتكرة قد تفتح آفاقًا جديدة في سوق العقارات، ويمكن أن يكون لها تأثيرات متعددة. إليك بعض الرؤى حول كيفية دمج العملات الرقمية في التقييم العقاري:
1- التسعير باستخدام العملات الرقمية تحويل الأسعار إلى عملات رقمية: مع زيادة استخدام العملات الرقمية، يمكن استخدام العملات مثل البيتكوين أو الإيثيريوم كوسيلة لتحديد قيمة العقار. يمكن أن يكون هذا مفيدًا في الأسواق التي تشهد تقلبات كبيرة في العملة المحلية أو في الأسواق العالمية. إضافة مزيد من الشفافية: باستخدام البلوكشين، يمكن تتبع تاريخ المعاملات العقارية بشكل دقيق وآمن، مما يعزز الشفافية في التقييم.
2- العقارات على البلوكشين عقارات رقمية: يمكن أن يتم استخدام البلوكشين لتوثيق ملكية العقارات وتحويلها إلى شكل رقمي، مما يسهل عملية التقييم والمعاملات. العقارات المسجلة على البلوكشين قد تكون أكثر شفافية وأقل عرضة للتلاعب. تقييم الأصول الرقمية: مع زيادة توجه العقارات إلى التوسع في السوق الرقمية (مثل العقارات الافتراضية في الميتافيرس)، سيكون من المهم تطوير معايير لتقييم هذه الأصول التي يتم تداولها باستخدام العملات الرقمية.
3- التداول والتمويل عبر العملات الرقمية التسهيلات التمويلية عبر العملات الرقمية: في حال رغبت الجهات المالكة للعقارات في بيع أصولها أو تمويل مشاريع جديدة، يمكن استخدام العملات الرقمية في معاملات الشراء أو التمويل العقاري. ذلك من خلال إطلاق رموز رقمية (tokens) تمثل حصصًا من العقار.
4- التحديات القانونية والضريبية الاعتراف القانوني: من المهم أن تتفق التشريعات المحلية مع الاستخدام المتزايد للعملات الرقمية في التقييم العقاري. قد يتطلب الأمر تطوير إطار قانوني يعترف بالعملات الرقمية كأسلوب دفع في المعاملات العقارية.الضرائب على العملات الرقمية ستحتاج السلطات إلى تنظيم كيفية فرض الضرائب على المعاملات العقارية التي تتم عبر العملات الرقمية، بما في ذلك التعامل مع تقلبات الأسعار.
5- تقييم المخاطر تقلبات السوق نظراً لتقلبات قيمة العملات الرقمية، قد تكون هناك تحديات في تحديد قيمة العقار عندما يتم الدفع أو تقييمه باستخدام العملات الرقمية. سيحتاج المقيّمون العقاريون إلى تطوير تقنيات جديدة لتقدير هذه المخاطر ضمن التقييمات. بشكل عام، دمج العملات الرقمية في التقييم العقاري يتطلب تطورًا في معايير التقييم ونظم الدفع، بالإضافة إلى وجود إطار قانوني وتنظيمي مناسب لتسريع تبني هذه الممارسات بشكل آمن وفعّال.
السؤال الذي يطرح نفسه هل الأردن مستعد لذلك على الامد القريب ؟
في الوقت الحالي، قد لا يُعتبر الأردن مستعدًا بالكامل لاستخدام العملات الرقمية في السوق العقاري بسبب القيود القانونية وعدم وجود اعتراف رسمي بها. لكن إذا تم تطوير تشريعات واضحة واعتماد العملات الرقمية الحكومية (CBDC)، فقد يصبح استخدامها ممكنًا في المستقبل، خاصة في التعاملات الدولية والاستثمارات الكبرى.
الباحث في الشأن العقاري : المستشار والمقدر والمحكم العقاري الدولي : د. غسان عذاربه