يخبرنا تاريخ الأردن الحديث بأنه الدولة العربية الوحيدة التي قدمت المواقف والتضحيات العروبية الحقيقية من أجل المصالح القومية؛ فالالتزام بالقضايا المركزية هو ديدن السياسة الأردنية، حيث العقلانية، والحكمة، والاتزان وقول الحق بلا تردد هو السلوك السياسي لقيادة الأردن، وشعبه العريق وحكوماته المتعاقبة، فالمنطلقات العروبية الاسلامية، والعمل العربي المشترك محرك اساسي للدور الأردني على المستويات المختلفة محلياً، واقليمياً ودولياً، وقد استطاع الأردن أن يبني صورة الدولة الخارجية ذات المصداقية العالية، والاعتدال، ووضع ?لنقاط على الحروف، فالأردن وقيادته ودوره له تقدير واحترام عالٍ في العالم والمحافل الدولية.
الأردن خاض كل الحروب العربية منذ العام ١٩٤٨ لتحرير فلسطين وسطَّر الجندي الأردني والجيش العربي فصولاً من الانتصارات تحدث عنها العدو قبل الصديق، وحافظ على الضفة الغربية والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، وأسوار القدس تشهد على البطولات للجيش الأردني.
وقدَّم الأردن التضحيات تلو التضحيات، وبنى جلالة الملك المؤسس وحدة الضفتين في دولة واحدة إنطلاقاً من الاتجاهات الوحدوية وللحفاظ على الأراضي الفلسطينية كوديعة تُعاد في لحظة التحرير، ومن أجل إعطاء منظمة التحرير الفلسطينية الدور السيادي والقرار السياسي للتحرك نحو السلام جاء قرار فك الارتباط العام ١٩٨٨، واستقبل الأردن والأردنيون كل أطياف اللجوء الفلسطيني، وجزء كبير منهم نال الجنسية الأردنية كجزء من شعب المملكة حاصِلاً على كامل الحقوق المدنية والسياسية مُساهمين في بناء الدولة فهم أردنيون من أصول فلسطينية لهم الا?ترام والتقدير من كل أبناء الشعب الأردني..
ومن هنا فقد قدَّم الأردن قيادة وشعباً الكثير للقضية الفلسطينية ولا زال يمتشق سيف الحق للدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ويأتي موقف الأردن الداعي لقيام دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي المحتلة في الرابع من حزيران عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشريف، وتم تثبيت ذلك في مقدمة معاهدة السلام (وادي عربة) العام ١٩٩٤، ووضع نص يحفظ للقيادة الوصاية على المقدسات، ونص على احترام قضايا الحل النهائي الحدود، المياه، اللاجئين وغيرها وهو طرف فيها للحفاظ عليها وخصوصاً حق العودة والتعويض.
واليوم تأتي الدولة العبرية بالدعوة لتهجير الشعب الفلسطيني من دياره وأرضه التاريخية نحو الأردن، ودولة مصر الشقيقة لإنهاء فكرة صهيونية قديمة أصلاً جاءت على لسان الرئيس الجديد لحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن. وحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، وحتى وصلت الغطرسة الصهيونية إلى الدعوة لاقامة الدولة الفلسطينية على أراضي المملكة العربية السعودية بحجة أنها تملك مساحات شاسعة.
الموقف الأردني قيادة وشعباً يرفضون بالمطلق وواضح للقريب والبعيد أي حلول لا تستقيم مع الحقوق المشروعة والشرعية الدولية فيما يتعلق بفلسطين.
السلوك السياسي والعسكري العدواني في القطاع ومخيمات الضفة مرفوض ومخالف لكل المعايير الدولية للأراضي المحتلة، وعمليه تفريغ المخيمات في الضفة، طوباس، الفارعة، طمون وجنين الذي وصل إلى 29 ألف مواطن ومحاولة الضغط لتهجيرهم للأردن أمر لا يقبله أي حر أردني أصيل، وها هو الشعب الأردني بالأمس عبر عن موقفه الصادق والمُدافع عن الوطن الدولة، وموقفه الداعم للقيادة الهاشمية ودورها الدبلوماسي في الحديث مع الرئيس الأميركي ورؤساء العالم برفض أي مخطط مشبوه يؤدي لحل القضية على حساب الأردن أو أي دولة عربية.
إن الخطاب السياسي للأردن والأردنيين يستند الى المبادئ الآتية: أولاً: الوقوف المُطلق مع القيادة ممثلة بالملك عبدالله الثاني في موقفه المُدافع عن المصالح الوطنية الأردنية العُليا، وحماية الأراضي الأردنية ورفض تسوية القضية على حساب الأردن.
ثانياً: أعلن الشعب يوم الجمعة في جميع المحافظات الموقف الثابت والرافض لأي حلول على حساب الدولة الوطن، وان هذا مستمر وثابت وليس موقفاً آنياً.
ثالثاً: التأكيد على التماسك الاجتماعي، والوحدة الوطنية. والانتماء الوطني للأردن، ارضاً، وقيادة ومصالح واستقراراً.
رابعاً: الإيمان بالدبلوماسية عالية المستوى التي يقودها الملك عبدالله الثاني والتي تقوم على الحق، والاعتدال والتوازن.
خامساً: قدرة المؤسسات العسكرية والأمنية في الدفاع عن الوطن في كل الأحوال والظروف مهما كلف ذلك. وقد أثبت التاريخ السياسي للدولة هذا.
سادساً: الإبقاء الصادق على حالة التلاحم بين الشعب والقيادة في كل الأحوال واعتبار ان الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين والحفاظ على الأمن والاستقرار.
سابعاً: رفض التهجير، ومقولات الوطن البديل، والإيمان بحق الشعب الفلسطيني في أرضه.
ثامناً: رفض كل أشكال التشكيك بالأردن وقيادته.