خبرني - أجمع العلماء على فضل هذه الليلة، لذا يتساءل الكثيرون عن حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان، إذ يُستحب إحياؤها بالدعاء، والصيام، وقيام الليل، وترك الخصام.
تعتبر ليلة النصف من شعبان ليلة اليوم الخامس عشر من الشهر، وهي ثالث الأيام البيض من شهر شعبان. لذا، نتعرف إلى حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان من القرآن الكريم والسنة النبوية.
هل الاحتفال بليلة النصف من شعبان حلال أم حرام؟
يتساءل البعض "هل ليلة النصف من شعبان بدعة أم سنة؟" وبحسب الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية، ذكر أ. د. شوقي إبراهيم علام، مفتي الديار المصرية سابقًا، أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان مشروع على جهة الاستحباب، حيث رغّب الشرع الشريف في إحيائها واغتنام نفحاتها من خلال قيام ليلها وصيام نهارها، سعيًا لنيل فضلها وتحصيل ثوابها وما ينزل فيها من الخيرات والبركات.
وقد درج المسلمون سلفًا وخلفًا على الاحتفال بهذه الليلة عبر القرون من غير نكير. وأضاف أنه لا يؤثر في ثبوت فضل هذه الليلة ما يُثار حولها من ادعاءات المتشددين الذين يقولون إنها بدعة، حيث لا يجوز الالتفات إلى مثل هذه الآراء؛ فهي مردودة بالأحاديث المأثورة، وأقوال أئمة الأمة، وعملها المستقر الثابت، إضافة إلى القاعدة الشرعية: "مَن عَلِم حجة على مَن لم يعلم".
حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان
تستشهد دار الإفتاء المصرية بما ورد عن التابعين بخصوص الاحتفال بليلة النصف من شعبان، ومن ذلك:
كتب عمر بن عبد العزيز إلى عديّ بن أرطأة، وهو عامله على البصرة: "عليك بأربع ليالٍ من السنة؛ فإن الله يفرغ فيهن الرحمة إفراغًا: أول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة الفطر، وليلة الأضحى".
وعن خالد بن معدان قال: "خمس ليالٍ في السنة؛ من واظب عليهن رجاء ثوابهن وتصديقًا بوعدهن، أدخله الله الجنة: أول ليلة من رجب يقوم ليلها ويصوم نهارها، وليلة النصف من شعبان يقوم ليلها ويصوم نهارها، وليلة الفطر يقوم ليلها ويصوم نهارها، وليلة الأضحى يقوم ليلها ويصوم نهارها، وليلة عاشوراء يقوم ليلها ويصوم نهارها".
هناك أكثر من دليل على فضل ليلة النصف من شعبان، ففي القرآن الكريم، قال الله تعالى:
﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4].
وقد جاء في تفسيرها أنها ليلة النصف من شعبان، حيث يُبرم فيها أمر السنة، وتُنسخ الأحياء من الأموات، ويُكتب الحاجّ، فلا يُزاد فيهم أحد ولا يُنقص منهم أحد.
أما في السنة النبوية، فقد وردت عدة أحاديث حول ليلة النصف من شعبان وفضلها، منها ما جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ:
"إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا، فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلَا كَذَا؟ أَلَا كَذَا؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ".
في لقاء أ. د. أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، استشهد بحديث رسول الله ﷺ عن فضل شهر شعبان وصيام ليلة النصف من شعبان، حيث قال:
"سئل النبي ﷺ عن سبب تخصيص شهر شعبان بمزيد من الصيام عن غيره من سائر الشهور، فقال: (هذا شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله، فأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم)".
وأضاف أن هذا الشهر اختص بليلة النصف من شعبان المباركة أيضًا، محذرًا من ادعاءات من ينكرون فضل هذه الليلة ويصفونها بالبدعة، حيث أكد أن هناك أحاديث صحيحة تثبت مشروعيتها.
أما بخصوص جواز الصيام في النصف الثاني من الشهر، فقد اختلف الفقهاء، فأباح بعض العلماء الصيام، باعتبار أن فضل الصيام في هذا الشهر ثابت. أما البعض الآخر قيّده بمن له عادة في الصيام، أي من يعتاد صيام يومي الإثنين والخميس اتباعًا لسنة النبي ﷺ.