لم يراودني شك ولو لدقيقة أن عزة هاشم وشعبها ومقاومتها سينتصرون مهما طال الزمن، ومهما تمادت آلة الحرب الصهيونية في القتل والدمار والتشريد وتنفيذ مخطط قادتها المجرمين، حتى وإن تكالبت عليهم الأمم وخذلهم القريب قبل البعيد...
لم يراودني شك ولو لدقيقة أن القتل والتشريد والتهجير والإبادة لن تثني هذا الشعب الجبار عن مواصلة الكفاح والجهاد حتى ينال حقه المشروع في تحرير وطنه وإقامة دولته الفلسطينية على ترابه الوطني الطهور..
لم يراودني شك وأنا أتابع المشهد يوميًا بكل تفاصيله خلال عام ونصف أن الله سينصر عباده المغلوبين مهما طال الزمن أو قَصُر، وأن الله لن يخلف وعده، ولكن أكثر الناس لا يعلمون..
لم يراودني شك وبعد هذا الصمود الأسطوري لأهلنا في غزة أنهم أصحاب عقيدة صادقة ومبدأ ثابت لا يتزحزح ولا يتلون ولا يداهن ولا يركع إلا لله ..
لم يراودني شك وأنا أشاهد الأطفال والنساء والشيوخ وهم يخرجون من تحت الركام يهللون ويكبرون ويحمدون الله أن النصر قريب بعون الله، وأن من اعتمد على الله فهو حسبه.
نعم، قد يكون لساعة الصفر في السابع من أكتوبر دقائق أخرى لم نشاهدها إلى يومنا هذا، وكما يقال: «المخفي أعظم» في كل ما حدث، والأيام كفيلة بكشف الكثير من التفاصيل التي بصدقها ستكشف لنا حجم الاستعداد والإعداد والإصرار التي تميزت بها هذه الحرب. ولكن ما شاهدناه في صفقة التبادل يستحق الوقوف والتأمل والحديث بشكل موسع .
قبل أيام، ومع اقتراب تنصيب الرئيس الأمريكي ترامب، عاد الحديث من جديد عن صفقة لإنهاء الحرب، حتى وصلنا إلى الموعد المشهود غزيًا. ساعات ونحن ننتظر متى سيبدأ سريان وقف إطلاق النار في غزة، وفق ما أُعلن عنه السبت، ومتى سينتهي القتل والتدمير والبكاء والتهجير ، حتى وصلنا إلى الساعة الثامنة والنصف صباحًا. عندها توقفنا لنشاهد كيف تستعد الأطراف لبدء تنفيذ الصفقة ضمن آلية غير معلنة رسميًا. وتحدثت المحطات الإخبارية عن استعدادات الكيان لذلك، وكنا نفكر: كيف سيخرج الأسرى من تحت الركام؟ وما هي حالهم؟ ومن سيخرجهم؟ وكيف؟ ومن أين سيخرجون؟ ما هي ملابسهم واحوالهم؟ ومن سيقوم بنقلهم من هناك مع تدمير الطرق وحرق كل ما هو متحرك؟
أفكار كانت تراودنا، وبأفضل حال كنا نقول إن الصليب الأحمر الدولي هو من سيقوم بذلك، وأن وجود حماس سيكون شكليًا، بعكس المرات السابقة في تسليم الرهائن. فليس من المعقول، وبعد 471 يومًا من العدوان والقتل والتشريد والدمار والإبادة الجماعية، ان نجد نتظيم او قيادة لها اتصال ووجود كبير على الارض ..
ولكن الواقع كان مخالف لتوقعاتنا جميعا شاهدنا غــزة تعيش أول أيام الهدنة بثوب جديد رغم الدمار والجراح ثوب طرز على غير خيوط المنهزمين بمقاس يناسب حجم التضحيات التي قدمها كل غزي وبالوان بيضاء يانعه تسر الناظرين
نعم شاهدنا تسليما دقيقا وادارة للمشهد بحرفية واقتدار حتى وصل الامل بإصدار بطاقات الإفراج للأســيرات الثلاثة بطريقة مهنية رسمية إدارية وكاننا في مدينة لم يهشمها الدمار ، شاهدنا توقيع ممثل الصليب الأحمر الدولي على استلام الأســيرات الثلاثة والدهشة ظاهرة على الجميع يرافقة توقيع ممثل كتـــائب القــسام على نموذج التسليم الرسمي.
شاهدنا انطلاقه لعجلة الحياة وانتشار لرجال الامن والدفاع المدني مع معداتهم رغم قلتها املا في بداية للاعمار والتخفيف على المواطنين، شاهدنا قلوباً احبت تراب غزة بصدق وكانها الجنة ومن عشق تراب وطنه لن يهزم ولن يموت