كتب محرر الشؤون السياسية
منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، كشف المجتمع الدولي عن مواقف حازمة وداعمة لأوكرانيا، متمثلة في إدانة واسعة للغزو الروسي وفرض عقوبات اقتصادية قاسية، بالإضافة إلى تقديم مساعدات عسكرية ومالية ضخمة.
وأثارت هذه الاستجابة السريعة والمكثفة أثارت تساؤلات مقارنة مع القضية الفلسطينية المستمرة منذ عقود، حيث تعاني فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي في ظل صمت دولي أو مواقف خجولة تتناقض مع حجم المعاناة.
وتظهر ازدواجية المعايير بوضوح في التغطية الإعلامية، والمصطلحات المستخدمة، والمواقف الدبلوماسية، والدعم المقدم للضحايا.
ففي حين تتم الإشادة بالمقاومة الأوكرانية باعتبارها دفاعًا مشروعًا عن الحرية والسيادة، تُوصف المقاومة الفلسطينية غالبًا بأنها تهديد أمني، وبينما تُفرض العقوبات الاقتصادية على روسيا بحجة انتهاكها للقانون الدولي، تغض الدول الكبرى الطرف عن انتهاكات إسرائيل المتكررة لقرارات الشرعية الدولية.
هذه المقارنة تفتح الباب أمام تساؤلات حول عدالة النظام العالمي ومصداقية الشعارات التي يرفعها بشأن احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون.
المعايير المزدوجة للنظام العالمي في التعامل مع القضية الفلسطينية والحرب في أوكرانيا تظهر بوضوح من خلال الطريقة التي يُنظر بها إلى كل من الصراعين على المستويين السياسي والإعلامي.
وفيما يلي بعض الأمثلة على هذه المعايير:
الإدانة السريعة مقابل الصمت أو التبرير
- في الحرب في أوكرانيا، أجمعت الدول الغربية على إدانة روسيا بسرعة، وفرضت عقوبات اقتصادية صارمة، مع دعم سياسي وعسكري واسع لأوكرانيا.
- في المقابل، تُظهر الكثير من الدول الغربية صمتًا أو تبريرًا عند الحديث عن الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، رغم تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان التي تصف بعضها بأنها تصل إلى جرائم حرب.
التضامن مع الضحايا
- هناك حملة تضامن عالمية واسعة مع الشعب الأوكراني، بما في ذلك فتح الحدود الأوروبية للاجئين الأوكرانيين، وظهور شعارات التضامن في وسائل الإعلام والمنصات العامة.
- بينما يعاني الفلسطينيون من الاحتلال منذ عقود، قلما تُظهر الدول ذاتها تضامنًا مماثلًا معهم، ويُنظر إلى اللاجئين الفلسطينيين غالبًا كقضية دائمة بدلًا من محاولة حلها جذريًا.
المصطلحات المستخدمة
- يُوصف الأوكرانيون بأنهم "مقاومون" يدافعون عن وطنهم وحريتهم في وجه الغزو.
- أما الفلسطينيون الذين يقاومون الاحتلال الإسرائيلي، فيُوصفون في كثير من الأحيان بالإرهابيين في الإعلام الغربي، مع تجاهل سياق الاحتلال ومعاناتهم.
التعامل مع القانون الدولي
- في حالة أوكرانيا، تستند الدول الغربية إلى القانون الدولي والسيادة الوطنية لإدانة روسيا.
- في المقابل، يتم تجاهل القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة التي تدعو إسرائيل إلى إنهاء الاحتلال وإنهاء سياسات الاستيطان، بل تُستخدم "الفيتو" الأمريكي لتعطيل أي تحرك دولي ضد إسرائيل.
الدعم المالي والعسكري
- تلقت أوكرانيا دعمًا عسكريًا وماليًا هائلًا من الدول الغربية، مع الإصرار على استمرار المقاومة ضد روسيا.
- بينما يتم تسليح إسرائيل بأحدث التقنيات العسكرية والدعم المالي، يتم منع الفلسطينيين من الحصول على أي دعم عسكري، وتُعتبر محاولات تسليحهم تهديدًا للأمن الدولي.
التغطية الإعلامية
- تُبرز وسائل الإعلام الغربية معاناة الأوكرانيين كقضية إنسانية كبرى، بينما تُقدم القضية الفلسطينية غالبًا كصراع معقد وطويل الأمد، مما يؤدي إلى تراجع الزخم الإعلامي والتعاطف الشعبي.
المبادرات الدبلوماسية
- في الحرب الأوكرانية، توجد جهود دولية مستمرة لدعم الحل الدبلوماسي أو فرض العقوبات على الطرف المعتدي.
- أما في القضية الفلسطينية، يتم تقويض الحلول الدبلوماسية التي تدعم حقوق الفلسطينيين، ويقتصر التحرك الدولي غالبًا على بيانات الاستنكار دون ضغط حقيقي.
وتُظهر هذه الفروقات كيف يتعامل النظام العالمي بازدواجية مع القضايا بناءً على المصالح الجيوسياسية، والتحالفات، والنفوذ الاقتصادي والسياسي، ما يشير إلى غياب العدالة والمساواة في تطبيق القوانين الدولية وتحديد الأولويات الإنسانية.