*
الاربعاء: 22 يناير 2025
  • 24 أيار 2024
  • 14:27
جدل في المغرب بسبب طلب الفنادق لعقد الزواج

خبرني - يعيش قطاع الفنادق في المغرب على إيقاع الجدل الذي أثاره تصريح لوزير العدل، عبد اللطيف وهبي، مفاده أن طلب المؤسسات الفندقية لعقد زواج للنزلاء الذين يريدون الحصول على غرفة هو أمر "لا سند قانوني له".

واعتبر وهبي، خلال مداخلة له بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان)، الثلاثاء، أن مطالبة الفنادق للمواطنين بتقديم عقد الزواج قبل الموافقة على منحهم غرفا "عمل دون سند قانوني"، قائلا: "20 عاما وأنا أبحث عن السند القانوني الذي يدعم طلب هذه الوثائق، ولم أجده، إن من يطلب هذه الوثائق مخالف للقانون ويجب متابعته قضائيا".

وخلفت تصريحات المسؤول المغربي نقاشا واسعا بين المهنيين، كما أثارت جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي.

في هذا الصدد، قال الكاتب العام للجامعة الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم والفنادق، عبد الكريم منوش، في تصريح لموقع "أشكاين" المحلي، إن تصريحات وهبي "ستخلق جدلا بين أرباب الفنادق والمواطنين"، لافتا إلى أن مطالبة الزبائن بعقد الزواج "إجراء تفرضه المصالح الأمنية".

وتابع: "أرباب الفنادق بدورهم لا مانع لديهم من أن يتم إلغاء وثيقة ملء الاستمارة، ولا يرغبون في أن يقف الزبون في طابور الاستقبال، ونود أن نقدم مفاتيح الغرف للضيوف بمجرد قدومهم، لكنهم ملزمون بملء هذه الاستمارة التي تقدم للمصالح الأمنية، سواء الدرك الملكي أو الأمن الوطني، لأن الزبون قد يكون مطلوبا".

حالة من الجدل

ورجح منوش أن تخلق تصريحات المسؤول المغربي جدلا بين أرباب الفنادق والمواطنين سيما وأنها تزامنت مع قرب فصل الصيف الذي "يعرف إقبالا سياحيا، مما سيدفع المواطنين للاستشهاد بكلام الوزير حول عقد الزواج، وهو ما يعني أن الأمر سيخلق جدلا في ظل غياب وثيقة رسمية تثبت كلام وهبي.. وفي حال وجدت، فأرباب الفنادق سيدعمونها".

وفي نفس الإطار، قال أمين الزغاوي، وهو مسؤول عن إدارة مجموعة من الوحدات الفندقية، إن ما قاله الوزير "ليس ما يتم العمل به"، معتبرا أن تصريحاته "ستتسبب في عدد من المشاكل لأصحاب الفنادق في التعامل مع المواطنين".

وأوضح الزغاوي، في تصريحات لموقع "هسبريس" المحلي، أن تقديم عقد الزواج أو ملء وثيقة تتضمن معطيات المواطنين الراغبين في النزول في أي فندق هو أمر ضروري ومفروض من قبل الأمن والدرك الملكي، رغم عدم وجود وثيقة مكتوبة تنص على ذلك.

وشرح الزغاوي قائلا: "بالنسبة لنا، عدم طلب هذه الوثائق من شأنه أن يساعدنا وأن يخفف من انتظار الزبائن عند التسجيل؛ لكن هذه الوثائق ضرورية، ولا يتم التساهل فيها من قبل الدرك أو الأمن".

وتابع: "التعامل هو شفوي فقط.. الأمن يطلبها (البيانات) شفويا، ووزير العدل نفى الأمر شفويا، ونحن من نظل في وضع مرتبك في مواجهة مع المواطنين".

وأردف: "فقط يقولون لنا ما يريدون، أو يمدوننا بوثيقة لمعرفة كيفية التعامل، وما علينا إلا تطبيقها. أما أن يتم التفوه بتصريحات ويتركوننا في مواجهة المواطنين هو أمر غير مقبول"،

وختم بالقول: "هذا الكلام سيجعل الوضع كارثيا، ويتركنا تائهين.. الوزير لم يفكر أبدا في وضع المهنيين (العاملين في الفنادق)".

"خلق للمشاكل"

من جانبه، توقع الخبير في المجال السياحي، الزبير بوحوت، أن تخلق تصريحات المسؤول المغربي "مشاكل" بين أرباب الفنادق والمواطنين، رغم أن الممارسة تفرض هذا الإجراء، وفق تعبيره.

وأوضح بوحوت، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "الممارسة تفرض على أرباب الفنادق سواء كانوا في المجال الحضري أو القروي إمداد المصالح الأمنية بمعطيات نزلائهم"، موضحا أن "المؤسسات الفندقية تحترم القانون وهذا الإجراء يحميها في حال خالف أحد النزلاء القانون، لكنني أخشى أن يخلق هذا التصريح مشاكل للمهنيين مع زبائنهم".

وأثارت مداخلة وهبي جدلا ونقاشا أيضا على مواقع التواصل الاجتماعي، وانقسم التفاعل حولها بين مرحب وبين من ذكّر المسؤول المغربي بمقتضيات القانون الجنائي التي تجرم العلاقات خارج إطار الزواج.

ويعاقب الفصل 490 من القانون الجنائي بالسجن من شهر إلى سنة كل رجل وامرأة أقاما علاقة جنسية خارج إطار الزواج، وكان هذا الفصل على الدوام محط جدل بين النشطاء الحقوقيين في البلاد.

في هذا الصدد، دون ياسين إسافن: "عندما يكون وزير العدل جاهلا بأحكام القانون ويتكلم من أجل خلق بوليميك، يقتضي تذكيره بالنصوص القانونية التي يجهل وجودها".

وتابع مستعرضا جملة من النصوص القانونية المجرمة للعلاقات خارج إطار الزواج: "الفصل 490 من القانون الجنائي ينص على أن كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكون جريمة الفساد ويعاقب عليها بالحبس من شهر واحد إلى سنة"، موضحا "النص يجعل مالك الفندق مشاركا في جريمة الفساد إذا لم يتأكد من وجود علاقة قرابة أو زواج بين النزلاء الذين يختارون النزول في نفس الغرفة".

وأشار في السياق نفسه إلى القانون رقم 80.14 المنظم لمؤسسات الإيواء السياحي، منوها إلى أن المادة 36 منه تنص على أنه "يجب على كل مستغل لمؤسسة للإيواء السياحي أو شكل من أشكال الإيواء السياحي الأخرى أن يصرح يوميا لدى الإدارة، عبر معالجة إلكترونية تسمى التصريح الإلكتروني، بالمعطيات المتعلقة بزبنائه العابرين أو المقيمين يوم وصولهم لمؤسسته مع احترام المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي".

"مواقف محرجة"

بدوره تفاعل المحامي بهيئة الدار البيضاء، عبد الرحمن الباقوري، مع الجدل، معتبرا أن "سماح إدارة الفندق لشخصين لا علاقة شرعية بينهما في استئجار غرفة واحدة، يعتبر مشاركة في ارتكاب ما قد يقع من جرائم (الفساد، الخيانة الزوجية..)".

وتابع: "دون أن ننسى الفصل 498 من القانون الجنائي الذي ينص على أنه يعاقب بالحبس من سنة إلى 5 سنوات، وبالغرامة من 5 آلاف إلى مليون درهم، كل من أعان أو ساعد أو حمى ممارسة البغاء وذلك بأية وسيلة كانت".

في المقابل، أشاد مدونون بتصريحات وزير العدل المغربي، مؤكدين أن استمرار الفنادق في مطالبة نزلائها بالإدلاء بعقد الزواج يعرضهم لـ"مواقف محرجة".

وتفاعل الممثل المغربي، محمد الشوبي، مع النقاش نفسه، وكتب: "كانت الأجهزة الأمنية تجني الأموال من هذه السلوكات إلى غاية العهد الأمني الجديد، لكن بقي هناك بعض موظفي الفنادق مستمرون في خرق هذه الخصوصية، خصوصا بالفنادق غير المصنفة أو التي لا تتعدى 4 نجوم في بعض المدن".

وتابع: "لقد اشتغلت ببعض الفنادق في الاستقبال خصوصا بالثمانينيات من القرن الماضي، وكانت الزيارات الأمنية ذات طابع استفزازي واضح للأسف".

وسبق لوزير العدل أن أثار النقاش نفسه في نوفمبر من العام الماضي، حين كشف عن رغبته في "تجريم مطالبة نزلاء الفنادق بعقد الزواج".

وتساءل حينها في لقاء نظمته المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان: "كيف يمكن أن أسأل شخصين بالغين مسؤولين وأقول لهما إنه ليس من حقهما الدخول الى الفندق لأنه ليس معهما عقد زواج؟".

واعتبر أن ذلك يعني "أنني أقرر وأحكم مع نفسي أنهما أتيا إلى الفندق لارتكاب جريمة قبل حدوثها، وهنا أكون قد ارتكبت جريمة".

مواضيع قد تعجبك