*
الاربعاء: 22 يناير 2025
  • 16 فبراير 2008
  • 00:00
استحقاقات اقتصادية يجب مواجهتها
الكاتب:
بعد الانتهاء من اقرار قانون موازنة عام 2008 والتخلص من اعباء الدعم المالي المقدم لعدد من السلع والخدمات من ابرزها المحروقات, ستواجه خزينة الدولة في المرحلة المقبلة استحقاقات آنية وليدة تحديات بعضها داخلي والاخر خارجي الامر الذي يتطلب مواجهة صريحة معها ضمن خطة وطنية اصلاحية تعالج الاختلالات في الاقتصاد الوطني. اليوم نتحدث عن عجز في الموازنة يصل الى المليار دينار تقريبا بعد المساعدات وهو يشكل اكثر من 10 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي, وهذه نسبة كبيرة تحد من قدرة راسم السياسة الاقتصادية في اعداد البرامج التنموية اللازمة لمواجهة معضلتي الفقر والبطالة في مختلف محافظات المملكة, وهنا يأتي دور وزارة المالية في المرحلة المقبلة بالتصدي لهذا الاستحقاق الكبير الذي يدفع الاقتصاد الوطني باتجاه عدم الاستقرار المالي, لانه سيولد ضغوطا على احتياطات المملكة من العملات الاجنبية البالغ مقدارها خمسة مليارات دولار تقريبا, وبالتالي ضغوط اخرى على سعر الصرف. هنا يبدأ الاستحقاق الثاني والذي لا يقل خطورة عن الاول, وهو ارتفاع العجز التجاري والذي يقدر بحوالي 4.5 مليار دينار, فالفجوة اليوم بين الصادرات والمستوردات في اتساع كبير وهي مرشحة للزيادة, مما يتطلب وقفة جريئة امام هذه المعضلة الكبيرة في الاقتصاد الوطني من خلال اعداد برامج تنموية للصادرات الوطنية التي تعاني من منافسة غير شريفة في بعض الاحيان ومن ضعف حاد في تنافسيتها في اسواق الجوار في احيان اخرى. اما الدين ذلك الكابوس الذي لا ينتهي بمرور الزمن فما زال التعامل الرسمي معه يتسم بمرونة لا تتناسب مع واقع التحديات التي تعصف بالاقتصاد الوطني, فالدين بقيمته المطلقة ما زال عند مستوياته العالية منذ ازمة الدينار سنة 1989 والبالغ مقدارها عشرة مليارات دولار, وفي هذا الشأن لا بد ان يكون هناك موقف رسمي مدعوم باطر تشريعية للحد من تنامي المديونية, فمن حق المواطن الذي تحمل تبعات فشل السياسات الاقتصادية والتي ادت في النهاية الى اللجوء لصندوق النقد الدولي ان يرى انخفاضا في قيمة الدين, وهنا لا بد من الاشادة بالرؤية الملكية بهذا الخصوص والتي قادت كافة الجهود الدبلوماسية مع كبار المانحين لشراء الديون والذي توج اخيرا باتفاق نادي باريس لشراء 3.3 مليار دولار من ديون المملكة المستحقة للنادي, لذا يجب ان يتبع هذه الخطوة خطوات اخرى فيما يتعلق بضبط الدين الداخلي والانفاق معا حتى تتعاظم الاستفادة من اتفاقيات شراء ومبادلة الديون على صعيد الاقتصاد الكلي للاردن. ارتفاع الاسعار ومعدلات التضخم مشكلة باتت تستنزف فوائد اية خطط لتحسين معيشة المواطنين, ولعل اكبر تحد يواجه الحكومة اليوم في المرحلة الراهنة هو مواجهة موجة الغلاء العارمة التي تجتاح الاسواق, والتحدي يكمن في ان اسباب معظم الارتفاعات الحاصلة بالاسعار تعود لاسباب خارجية اكثر منها داخلية, وفي اعتقادي ان بامكان الحكومة ان تساهم بشكل او باخر في الحد من تنامي الاسعار من خلال الضغط على التجار لتخفيف هامش الارباح المرتفع لبعضهم من جهة وتوفير الاسواق الشعبية الموازية التي توفر السلع الغذائية الرئيسية من المزارع الى المستهلك مباشرة دون تدخل الوسطاء. بامكان الحكومة ان تواجه كل تلك التحديات الاقتصادية واستحقاقاتها المريرة من خلال برنامج اصلاحي شامل للاقتصاد الوطني تشارك في اعداده الحكومة بالتعاون مع السلطة التشريعية ومؤسسات المجتمع المدني, فالمسؤولية بالنهاية هي مسؤولية جماعية. مدير تحرير الدائرة الاقتصادية في صحيفة العرب اليوم

مواضيع قد تعجبك