*
الجمعة: 26 ديسمبر 2025
  • 03 أكتوبر 2009
  • 00:00
ناس فوق وناس تحت
ناس فوق وناس تحت
خاص   محمد الصبيحي   يقول الاردنيون ( الناس مقامات ) وغالبا ما يساق هذا المثل في غير مكانه لتبرير التهميش أو حتى الظلم الاجتماعي وربما النفاق للمسؤول وصاحب الموقع في الدولة , فالمبدأ الصحيح في تفسير هذا المثل أن الكبير يتقدم في الحديث أو الجلوس والبت في الامور على الصغير والقائد على جنوده والمدير على موظفيه وشيخ العشيرة على أفرادها ورب العائلة على زوجته وأبنائه وما عدا ذلك يخالف المنطق والعدالة وينافي المبدأ الشرعي ( لافضل لعربي على عجمي الا بالتقوى ) . يوم السبت الماضي يوم عطلة في مستشفى الجامعة الاردنية باستثناء المناوبات الطبية والتمريضية ولذا يلجأ المرضى الى مراجعة عيادة الطوارىء عند الضرورة , وقد كنت هناك برفقة مريضة كبيرة السن أقف في الممر خارج أحدى غرف الفحص فاذا بمدير عام المستشفى الدكتور عبد الكريم القضاة قادم مسرعا فمر أمامي وعينه في عيني ولم يسلم وكأنه لايعرفني فلم أعتب اذ قلت في نفسي لعل طارئا جاء به وأشغل ذهنه , وما هي الا ربع ساعة حتى خرج من غرفة فحص أخرى برفقة الدكتور خالد الكركي رئيس الجامعة الذي كان يحمل طفلة صغيرة وقد أطمأن عليها وسارا باتجاه الباب الخارجي محفوفين بعدد من الموظفين . غادر الدكتور الكركي الى سيارته وبقي القضاة واقفا بالباب الخارجي مودعا باسما حتى سارت السيارة نحو المخرج الرئيسي ثم غادر بدوره ولم يلتفت الى غرف الفحص التي تغص بالمرضى والاطباء المنهمكين بالمعالجة , ولم يفكر بالمرور على عامة الناس المتوجعين من باب المجاملة والدعاء بالشفاء ان لم يكن للمشاركة الرمزية بالفحص والعلاج والسؤال عما اذا كانت الامور على مايرام وهو أستاذ طبيب مشهود له بالعلم والكفاءة الطبية , وتساءلت في نفسي : كم كان تفقده للمرضى سيترك أثرا طيبا في نفوسهم لو فعل وهم يشاهدون أهتمامه الجم برئيس الجامعة ؟؟ ما علينا كان جوابي لنفسي ( ناس فوق وناس تحت ) ولا ذنب للدكتور الكركي الانسان فيما جرى . وأقرأ في أحدى الصحف اليومية قبل أيام أن وزارة التربية أو وزارةالصحة – لا أذكر – ستوزع معقم ( هاي جين ) لتنظيف الايدي وقاية من أنفلونزا الخنازير على طلبة المدارس في عمان فقط بحجة أن أكبر عدد من الاصابات ظهر في العاصمة !! هذا هو المبرر المعلن أما المبرر الذي أظنه يختفي بين السطور فهو أن طلاب عمان أبناء عائلات ترمقهم العناية الحكومية , وصوتهم مرتفع والصحافة بين أحضانهم ويعرفون ما هو ( الهاي جين ) أما أبناء القرى والمدن الاخرى فالخوف أن يظنوا ( الهاي جين ) مربى مشمش فيلتهمونه و( هات خلصنا ) , ثم ان أبناء الفقراء لديهم مناعة طبيعية ضد الفايروسات التي تعج بها الحواري والمزابل المنتشرة بين المدارس , ولا بأس من تأجيل توزيع ( الهاي جين ) أو ( الصابون الاخضر النابلسي ) عليهم بعد أصابة أعداد معقولة منهم بالمرض , وليس عندي تفسير لذلك الا القول ناس فوق وناس تحت . في مدرسة الصدقة الاساسية للذكور بقضاء أيل في البادية الجنوبية وربما كان أسمها مدرسة ( الصدفة ) وليس ( الصدقة ) – كما ورد في صحيفة الدستور – أمتنع ستون بالمائة من الطلاب من الالتحاق بالمدرسة أحتجاجا على مستوى معلمي اللغة الانجليزية واللغة العربية ورفض مدير التربية والتعليم معالجة الامر , فتساءلت أيضا ماذا لو كان الامر قد حدث في مدرسة بالشميساني ؟؟ ستهرع الصحافة وكاميرات التلفزيون ووكالات الانباء الالكترونية وسنجد وزير التربية في المكان بعد ساعتين وسيجري نقل مدير التربية المسؤول الى الجنوب أو الشرق أو ليتمتع بشتاء دافىء في غور الصافي , ثم من هو المعلم ( المسخوط ) الذي يجرؤ على التدريس في مدارس عمان ان لم يكن مؤهلا ومبدعا متفوقا !! لم يهتم أحد بمطالب أهالي طلاب مدرسة الصدفة , وبالصدفة قرأت الخبر في ( الدستور ) ولا أجد تفسيرا لهذا التجاهل الا أن هناك ناس فوق وناس تحت .. فيا سبحان الله .    

مواضيع قد تعجبك