خبرني – رصد
يكشف القرار الأممي الخاص بوضع آلية دولية للتعويض عن الأضرار والخسائر والإصابات في أوكرانيا الناجمة عما أسمته "الغزو" الروسي" بالإضافة إلى سجل لتوثيق الأدلة والادعاءات، ازدواجية المعايير التي لا زالت تحكم العالم منذ إنشاء مؤسساتها الدولية.
ففي عام 2006، أعلنت الأمم المتحدة عن إنشاء سجل عام لتعويض الفلسطينيين عن الأضرار التي لحقت بهم جراء بناء إسرائيل للجدار العازل، الذي قضت محكمة العدل الدولية بعدم شرعيته، حيث تم آنذاك تسجيل نحو 70 ألف شكوى في هذا السجل، وبعد دراسة 45 ألفًا منها، تم التأكد من صحتها، إلا أن التعويضات لم تُدفع حتى اليوم.
وعلى النقيض من حادثة الجدار العازل، شهد العام 2024 تحركًا أوروبيًا سريعًا في قضية شبيهة، حيث أطلق الاتحاد الأوروبي سجلًا خاصًا لتوثيق الأضرار التي لحقت بالأوكرانيين حربها مع روسيا، لتمهيد الطريق لتعويض المتضررين من الحرب وإعادة إعمار البلاد.
وأثارت هذه الخطوة تساؤلات حول ازدواجية المعايير التي تنتهجها القوى الغربية في التعامل مع القضايا الدولية، ففي حين يظهر الغرب حماسًا كبيرًا لدعم الأوكرانيين ضد روسيا، فإنهم، وفق مراقبين، يتعاملون ببرود واضح مع قضية الفلسطينيين الذين تعرضوا لانتهاكات مستمرة جراء الاحتلال الإسرائيلي والجدار العازل وعدوانها الأخير على غزة.
ويرى المراقبون، أن وراء السجل الأوكراني أهدافًا تتجاوز مجرد التعويض الإنساني، إذ تشير تقارير إلى أن الاتحاد الأوروبي يخطط لاستخدام الأصول الروسية المجمدة في البنوك الأوروبية والأمريكية، التي تُقدّر بـ 300-350 مليار دولار، كجزء من التمويل اللازم لإعادة إعمار أوكرانيا.
وبحسب المراقبين، فإن مصادرة الأصول دون حكم قضائي، تمثل سابقة خطيرة قد تقوض حقوق الملكية الخاصة وتفتح الباب لسوء الاستخدام، سيما بعدم وضوح الأساس القانوني لاستخدام الأموال المجمدة دون موافقة روسية، خاصة في ظل عدم وجود قرار من مجلس الأمن الدولي، الأمر الذي يضع العالم الغربي في خانة الشركاء غير الموثوقين.
ويعكس هذا التباين، وفق المراقبين ذاتهم، غياب العدالة في النظام الدولي، حيث يتم تحريك القوانين والقرارات بناءً على المصالح السياسية والاقتصادية، وليس استنادًا إلى مبادئ حقوق الإنسان أو القانون الدولي.
ففي الحالة الفلسطينية، ورغم وجود قرارات واضحة من الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، تابع المراقبون، لا يزال الفلسطينيون ينتظرون تنفيذ أبسط حقوقهم في التعويض.
وفي المقابل، وفقا لرأي المراقبين، تشرع الأبواب وتختلق الحجج وتتم مخالفة القانون الدولي، لصالح دولة، لا تعدو عن كونها حليفة للغرب.
ويختم المراقبون، بأن سجل الأضرار الفلسطيني سيظل شاهدًا على مظلمة تاريخية لم تجد طريقها إلى الإنصاف، بينما يتحرك السجل الأوكراني بخطوات سريعة لضمان تحقيق أهداف سياسية واقتصادية تخدم مصالح الغرب، ليتجلى الوجه الحقيقي لازدواجية المعايير في السياسة الدولية، التي تحكمها المصالح أكثر من المبادئ.